على الموطن الأصلي المفترض للشعوب السامية جفافا وإجدابا فتركته بعض المجموعات بحثا عن آفاق جديدة تجد في خيراتها ما بدأت تفتقده من أسباب الحياة؟ أم أن له أسبابًا أخرى تتصل بتدهور في الحكم ومن ثم تخلخل في الأمن والأمان وإهمال لموارد البلاد, أو بتغير في إيقاع الحركة التاريخية والحضارية بين دول العالم القديم أثر بالضرورة في الأوضاع السائدة أو في أهمية الطرق التجارية المعروفة ومن ثم دفع الجماعات البشرية في المنطقة, أو بعض هذه المجموعات، إلى أن توائم بين نفسها وبين الأوضاع الجديدة الناجمة عن كل ذلك, حركة هنا ودفعا هناك واندماجا في منطقة ثالثة وتقوقعا في منطقة رابعة وهكذا؟ أسئلة كثيرة ومتداخلة، وكلها تدفعنا إلى الاهتمام بهذه القضية حتى نتعرف على وضع العرب وشبه جزيرة العرب وسط الأقوام والمناطق التي أحاطت بها، ومن ثم إلى تفهم سليم للدور الذي قام به العرب حين جاء الوقت الذي ظهروا فيه على المسرح التاريخي بشكل له أثر واضح.
أما عن سبب هذه التساؤلات حول قضية الساميين فهو أن عددًا من الباحثين في لغات الشرق الأدنى لاحظوا تقاربا واضحا بين عدد من هذه اللغات من بينها الأكدية "البابلية والآشورية" والكنعانية والعبرية والفينيقية والآرامية والنبطية والحبشية والعربية. وقد وجد هؤلاء الباحثون أن هذه اللغات تتقارب في عدد من المواضع له أهميته ومغزاه. ومن بين هذه المواضع أن جذور الأفعال فيها جميعا جذور ثلاثية تعطي الانطباع العام للمعنى، فإذا تخللت حروف هذا الجذر الثلاثي حروف "أو أشكال" تفيد الحركة الطويلة أو القصيرة، فإن المعنى يتحدد حسب نوع هذه الحروف المضافة. وعلى سبيل المثال، فإن حروف "ك ت ب" في العربية تفيد معنى الكتابة بوجه عام, فإذا بدأنا في تشكيلها "والشكل يؤدي دور الحركات القصيرة" أو إضافة حروف الحركة الطويلة إليها أو المزج بين الاثنين، فإن هذا المعنى العام يتحدد