باختلاف الشكل وحروف الحركة بحيث تصبح فعلًا في زمن معين أو اسمًا في تصريف معين مثل "كَتَبَ" التي تؤدي بمعنى فعل الكتابة في الزمن الماضي بالنسبة للغائب، و"كَاتِب" التي تؤدي معنى اسم الفاعل. و"كتاب" التي تؤدي معنى اسم المفعول في إحدى صيغه وهكذا. وقد وجد الباحثون أن هذه الصفة التي تتعلق بطريقة تركيب الكلمات، تشترك فيها مجموعة اللغات المشار إليها وتميزها عن غيرها من مجموعات اللغات الأخرى التي تظهر في كل منها طرق لتركيب الكلمات خاصة بها.
كذلك وجد الباحثون أن هذه اللغات التي نحن بصدد الحديث عنها تتشابه فيها "وتتطابق في بعض الأحيان" مجموعات من الألفاظ ذات مدلولات لا يمكن إغفالها أو تجاهل مغزاها. فمن بين هذه الألفاظ تلك التي تدل على الأعداد، والأعداد هي الأدوات الأولية والضرورية في تنظيم المعاملات بين الأفراد أو الجماعات، وتطابق أو تقارب الألفاظ الدالة عليها يشير إلى مجتمع واحد أو إلى مجتمعات شديدة التقارب, والشيء ذاته نجده في الألفاظ التي تؤدي معنى القرابة أو صلة الدم، وهذه تشير إلى تكوين الأسرة وهي خلية المجتمع الأولى التي تبدأ قبل أي تكوين اجتماعي آخر، كما نجده في الألفاظ الدالة على تنظيمات الدولة والعلاقات الاجتماعية والقصائد الدينية، وهذه كلها تتصل بالمجتمع في حدوده الواسعة٢.
وقد أدت هذه الملاحظات اللغوية بأحد هؤلاء الباحثين، وهو العالم النمساوي أوجست لودفيج شلويستر august ludwig schloester إلى أن يعلن في الشطر الأخير من القرن الثامن عشر "١٧٨١م" أن الشعوب التي تتحدث بهذه اللغات إنما تنحدر من أصل واحد، واعتمادا منه على ما جاء في الإصحاح
٢ جواد علي: المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام، بيروت - بغداد، ط ٢ ج ١ "١٩٧٦"، ص ٢٢٢ وحواشي ١ - ٣.