للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والذي يؤكد أن هذه النقوش تشير إلى الاتجاه نحو التوحيد، وإن لم يكن قد اكتمل بعد كما ذكرت من لحظات، هو المضمون الذي تحتوي عليه بعض هذه النقوش، والصفة التي ترد في البعض الآخر لوصف المعبود الله. وعلى سبيل المثال فإن هناك نقشًا لحيانيًّا مبكرًا نقرأ فيه "عبد مناة الصادق، امنحه يا الله العمر الطويل والحظ السعيد" وهو تعبير يشير بوضوح إلى عبادة المعبودة "مناة" من جهة ولكنه يشير من جهة أخرى إلى أن "الله" هو المعبود الرئيسي دون منازع. كذلك فإن هناك نقشين ثموديين ترد فيهما صفة "الأبتر" بعد ذكر المعبود "الله" وهي صفة تشير إلى من لا ولد له وهو المعنى المباشر الذي سار عليه أحد الباحثين المعاصرين، كما أن باحثًا آخر رأى فيها معنى "الوحيد" والصفتان من صفات التوحيد دون شك وتردان في القرآن الكريم بهذا المعنى التوحيدي ب.

وقد ظهر المعبود "الله" بهذه الصفة التي تمثل خطوة أولى على سبيل التوحيد في نقوش اللحيانيين منذ القرن الخامس ق. م. وعند الثموديين في نقوش ترجع إلى القرنين الثالث والرابع بعد الميلاد. ولا نعرف متى بدأت عبادة "الله" بهذه الصفة في الحجاز، ولكن على أي الأحوال يبدو أنها كانت قد سادت وتمكنت في قبيلة قريش على الأقل قبل ظهور الدعوة الإسلامية, ودليل ذلك أن الإشارة إليه ترد في القرآن الكريم في عدد من الآيات مثل: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ} والسؤال هنا موجه إلى الجاهليين من قريش قبل أن يسلموا، ومن ثم يكون المقصود بلفظة "الله" هنا هو المعبود الجاهلي وليس الله سبحانه وتعالى كما يعرفه المسلمون. والصفة الأساسية لهذا المعبود وهي


ب النقش اللحياني رقمه js ٨، والنقشان الثموديان hu ٤٧٥, ٦٤٣. إشارة القرآن الكريم في سورة الإخلاص: ١، ٣.

<<  <   >  >>