أنه على رأس المعبودات الأخرى عند أهل قريش تظهر من آيات قرآنية أخرى من بينها:{أَلا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلاَّ لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى} ومن الواضح أن "الله" الذي يتحدث عنه القرشيون الجاهليون هو "الله" المعبود الجاهلي الذي كانت عبادته قائمة إلى جانب المعبودات الصغر، وهو ما يتطابق مع النص اللحياني الذي سبقت الإشارة إليه ج.
ثم نأتي بعد ذلك إلى المرحلة الرابعة التي وجدت جبنا إلى جنب في بعض أقسام شبه الجزيرة مع واحدة أو أخرى من هذه العبادات السابقة. وهذه المرحلة تمثلها عقائد التوحيد وهي
ج راجع نفس المعنى في القرآن الكريم، الزمر: ٣، الأنعام: ١٤٨، النحل: ٣٥، لقمان: ٢٤. هذا، وتجدر الإشارة هنا إلى أن عبادة "الله" بهذه الصفة قد تسربت إلى شبه الجزيرة العربية من المنطقة السورية، وأنها تركزت في المنطقة أول ما تركزت عند اللحيانيين "شمالي الحجاز" الذين نجد عندهم، كما أسلفت، أولى الإشارات في شبه الجزيرة إلى هذا المعبود. أما عن الثموديين فربما أخذوا هذه العقيدة عن اللحيانيين وربما أخذوها مباشرة عن السوريين وهو الأرجح، إذ إن لفظة "الأبتر" التي ترد في نصوصهم كصفة لهذا المعبود لا توجد في النصوص اللحيانية مما يشير بشكل قوي إلى أنهم أخذوا العبادة من منطقة أخرى غير منطقة اللحيانيين، كذلك يبدو من النصوص التي عثر عليها حتى الآن أن انتشار العبادة في جنوبي شبه الجزيرة لم يكن بنفس الاتساع الذي كان في الشمال، إذ إن هناك نصين فقط ترد فيهما الإشارة إلى "الله" باللغة العربية الجنوبية، وحتى أحد هذين النصين عثر عليه في منطقة العلا "في القسم الشمالي العربي من شبه الجزيرة"، ومن هنا يصبح هناك نص واحد مكتوب باللغة العربية الجنوبية وموجود في جنوبي شبه الجزيرة فعلا، في مقابل النصوص العديدة التي ترد فيها عبادة "الله" في القسم الشمالي من شبه الجزيرة. راجع: winnett، ذاته، صفحات ٢٤٥-٢٤٨.