للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

من محتكري امتلاك غابات الطيوب والتجارة في نتاجها٤٨. وأمام التقسيم الطبقي الحاد الذي وجد في المجتمع كان من السهل أن ينتقل قسم من المجتمع إلى عقيدة دينية جديدة يلتف حولها في دفاع طبقي عن نفسه.

أما المسيحية فقد دخلت تأثيراتها من خارج شبه الجزيرة كذلك, ومن المرجح أنها نجحت في الانتشار في العربية الجنوبية للسبب ذاته الذي رأيناه في انتشار اليهودية. وقد بدأت المسيحية في الواقع تتسرب إلى العربية الجنوبية في فترة مبكرة عن طريق بعض رجال الدين المسيحيين الذين فروا أمام الاضطهادات الدينية في سورية في فترات لا نعرف تحديدها. ولكن أول بعثة دينية مسيحية نسمع عنها إلى العربية الجنوبية أرسلها الإمبراطور البيزنطي قسطنطين في ٣٥٦م تحت قيادة ثيوفيلوس إندوس theophilus indus لأسباب سياسية تتعلق بمحاولة مد النفوذ البيزنطي إلى اليمن في فترة اشتد فيها الصراع البيزنطي الفارسي حول السيطرة على منطقة الشرق الأوسط وتخومه. أما عن المسيحية عند الغساسنة فقد جاءت نتيجة تفاعل بين تأثيرات خارجية ومعطيات محلية، فقد كانت إمارة الغساسنة إمارة تابعة للدولة البيزنطية في فترة كانت هذه الدولة خلالها تعتبر نفسها مسئولة عن المسيحية وانتشارها, والمسيحيين في العالم الشرقي. ومن هنا انتشرت العقيدة المسيحية بين الغساسنة, ولكن الطابع المحلي السوري الذي يتناسب مع اتجاهات المنطقة المحيطة على أكثر من صعيد أعطاها المذهب المونوفيزي أو مذهب أصحاب الطبيعة الواحدة.

وشيء مماثل يمكن أن يقال عن انتشار المسيحية بين بعض طبقات الشعب في الحيرة "وليس على المستوى الحكومي إلا في مثال واحد هو النعمان الثالث" فقد انتشرت المسيحية هناك من مصدر سوري، فإذا وصلنا إلى


٤٨ راجع الحديث عن الوضع السياسي والوضع الاجتماعي أعلاه في هذا الباب.

<<  <   >  >>