للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

نجد هذا الملك الفارسي يذكر أن كل ملوك المنطقة الممتدة بين البحر الأدنى "الخليج" والبحر الأعلى "البحر المتوسط" قد دانوا له بالولاء, وأنهم قدموا إلى بابل حاملينَ معهم جزية كبيرة وقبَّلوا قدميه, ويذكر من بينهم "كل ملوك الأراضي الغربية، الذين يسكنون الخيام"٢١. والنص صريح فهو يشير إلى كل هؤلاء الملوك، ومن ثم فرؤساء القبائل والتجمعات العربية القبلية "إلى جانب المناطق العربية الحضرية" قد خضعت لسلطان هذا الإمبراطور الفارسي.

غير أن تطورًا في العلاقات الفارسية العربية يبدو أنه حدث بين الشطر الأخير من القرن السادس ق. م. حين أخضع الملك قورش الثاني "٥٥٧-٥٢٩ ق. م." هذه المنطقة بعد سقوط بابل في ٥٣٩ ق. م., وبين أواسط القرن الخامس ق. م. إذ يذكر لنا المؤرخ اليوناني هيرودوتس "الذي عاش في أواسط هذا القرن" في أكثر من مناسبة ما يفيد أن العرب كان لهم وضع خاص, وعلى سبيل المثال فنحن نجد هيرودوتس herodotos المؤرخ اليوناني يذكر لنا في أثناء حديثه عن الولايات، أن "الولاية الخامسة "من ولايات الإمبراطورية الفارسية" تمتد بين بوسيدونيون على الشاطئ السوري ... وبين مصر، ما عدا القسم الذي يسكنه العرب فهم لا يدفعون ضريبة" ثم يعدد في موضع آخر أسماء الشعوب التي لم تكن تدفع ضرائب للإمبراطور الفارسي ولكنها تقدم هدايا له, ويذكر من بينها العرب الذين كانوا "يقدمون ما يساوي ألف وزنة talentum من الطيوب سنويا"٢٢.

ويبدو واضحًا من المقارنة بين النقش الفارسي وبين نصوص المؤرخ هيرودوتس أن المنطقة التي احتلها الفرس على عهد قورش الثاني تعرض فيها


٢١ النص في ANET، ص ٣١٦.
٢٢ النصوص على التوالي، HERODOTOS: iii, ٩١, ٩٧.

<<  <   >  >>