العربية من جانب آخر. وقد جاء هذا الاهتمام نتيجة للصراع العنيف الطويل الذي شَبَّ بين خلفاء الإسكندر، وبخاصة بين هذين البيتين الحاكمين، وهو صراع استخدمت فيه كل أنواع الأسلحة بما فيها السلاح الاقتصادي على وجه التخصيص؛ ومن هنا يبدأ الاهتمام بمنطقة شبه الجزيرة العربية. فالسلوقيون الذين دخلت منطقة وادي الرافدين ضمن ملكهم لبعض الوقت، أقاموا عددًا من المستوطنات بين الفرات ومدينة جرهاء "على شاطئ شبه الجزيرة العربية المطل على الخليج" كما عقدوا اتفاقية مع هذه المدينة لتمدهم بالتوابل والطيوب لقاء عدم سيطرتهم السياسية عليها٢٨.
أما عن البطالمة فنحن نجد بطليموس فيلادلفوس philadelphos "٣٠٨-٢٤٦ ق. م." ثاني ملوك هذه الأسرة الحاكمة، يرسل أرستون ariston ليستكشف له ساحل شبه الجزيرة العربية المطل على البحر الأحمر حتى المداخل الجنوبية لهذا البحر "مضيق باب المندب حاليا" حتى يتعرف على أصلح الأماكن التي تسهِّل له طريق المواصلات البحرية التي تخدم مصالحه التجارية التي شكلت قسما بارزا من اهتماماته إزاء الصراع الاقتصادي والسياسي والعسكري العنيف الذي كان سمة منطقة الشرق الأدنى والقسم الشرقي للبحر المتوسط في ذلك الوقت. كذلك نجد هذا الملك يعمل على اعتراض "طريق الطيوب والتوابل" الذي يصل بين العربية الجنوبية والبتراء "في الشمال" عاصمة الأنباط عقابًا لهم بسبب انضمامهم إلى جانب السلوقيين في الصراع البطلمي السلوقي، فيعقد اتفاقية مع اللحيانيين الذين كانوا يسيطرون على ديدان dedan "العلا الحالية" جنوبي مملكة الأنباط، كذلك نستطيع أن نتبين خطوة أخرى في هذا الاتجاه العام فيما أقدم عليه بعض التجار اليونان "من ميلتوس miletos على الساحل الغربي لشبه جزيرة آسيا الصغرى" من إقامة مستوطنة أمبيلوني ampelone على الساحل الغربي لشبه الجزيرة العربية كميناء بحرية لمدينة