للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وفي هذا الصدد توصل هذا العالم إلى أن أوروبا، مثلا، قد عرفت، بين السلالات العديدة التي اختلطت على أرضها, سلالات مغولية وزنجية نزحت إليها في عصور ما قبل التاريخ٧. وحتى لو حاولنا أن نقسم العالم إلى عناصر في أعم حدودها على أساس صفة جسمانية واحدة وهي لون البشرة مثلا, فإن هناك مناطق بأكملها مثل العالم العربي والهند لا يمكن أن تنطبق عليها التحديدات اللونية بشكل واضح.

والسبب في ذلك هو أن الزمان والمكان قد بدَّدا فكرة العنصر النقي عن طريق الهجرات المستمرة التي بدأت مع ظهور الإنسان, تحت وطأة قانون الطرد والجذب الطبيعي الذي يدفع الفئات البشرية من مناطق القحط والشدة إلى مناطق الرخاء، ومن أماكن الخطر أمام الفئات الغازية إلى أماكن الدعة والأمن. ويروي لنا التاريخ، سواء في عصوره القديمة أو الوسيطة فصولًا كاملة من هذه الهجرات، مثل تلك التي اندفعت من سهوب أوروبا الشرقية قبل البلاد بنحو عشرة قرون لتستقر فيما أصبح يعرف ببلاد اليونان، ومثل هجرة جانب من سكان هذه البلاد أمام هؤلاء المهاجرين إلى الشواطئ المختلفة للبحر المتوسط وبخاصة الشريط الساحلي الغربي لآسيا الصغرى. ومثل هجرة القبائل


٧ الكاتب ذاته: المرجع ذاته، ص ١٦. هذا وقد حاول باحث آخر أن يقرب بين نظرية الاختلاط العنصري والنقاء العنصري النسبي رغم ذلك، فقدم نظرية مؤداها أن اختلاط عدد من الأجناس "أي العناصر" داخل حدود منطقة معينة يؤدي في النهاية إلى صهر هذه الأجناس على أساسها إلى جنس جديد له مواصفاته ومقاييسه الجسمانية الخاصة به، راجع: "london" ١٩٦٣ طبعة mc dougall: introduction to social psychology university paperbacks ص ٢٨٣ وما بعدها. ولكني أتردد في قبول هذا الرأي، إذ إن الواقع "حتى الآن على الأقل" يدحض ذلك، وأكتفي في هذا الصدد بما أوردته فيما يخص سكان شبه الجزيرة العربية، رغم أن هذه المنطقة تعتبر، بشكل نسبي، منعزلة أكثر من غيرها، ومن ثم فلديها فرصة أكثر من غيرها في تكوين هذا الجنس أو العنصر الجديد المفترض.

<<  <   >  >>