للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فعلا، ومعنى هذا أنها وجدت من حقها ومن سلطانها أن تقدم على هذا التصرف، وهو تصرف نرجح أمامه أن مملكة الأنباط، رغم عدم تبعيتها من الناحية الرسمية لروما، إلا أنها في ضوء هذا الظرف لا بد أنها كانت داخلة في دائرة نفوذ الإمبراطورية الرومانية. ويدعم هذا الترجيح أن الكاتب نفسه "سترابون" يذكر في موضع آخر من كتابه أن الأنباط كانوا قد أصبحوا في الوقت الذي كتب فيه "أواخر القرن الأول ق. م. وأوائل القرن الأول الميلادي" من رعايا روما٤١ رغم أن مملكة الأنباط لم تصبح ولاية رومانية من الناحية الرسمية إلا بعد ذلك بقرن وربع تقريبًا. ويؤكد دخول مملكة الأنباط في دائرة النفوذ الروماني في الفترة التي نحن بصدد الحديث عنها "الربع الأخير من القرن الأول ق. م" أن الإمبراطور أغسطس كاد يطيح بالحارثة "aretas عند الرومان" الملك النبطي الذي اعتلى العرش بعد موت عبيدة؛ لأنه لم يستأذنه قبل اعتلاء العرش٤٢.

ويرجع السبب الذي أدى بالإمبراطورية الرومانية إلى مد نفوذها على مملكة الأنباط إلى ظروف تتعلق بإقرار الأمور على الحدد الشرقية لهذه الإمبراطورية. وهي ظروف كانت تستوجب من أغسطس موقفا حازما على هذه الحدود؛ إذ كان للسلام السائد في هذه المنطقة ألا يتعرض لأية هزات في غير صالح روما. فقُبَيْل هذه العلاقات الرومانية النبطية كانت هناك ظروف في المنطقة تحمل بذور الاضطراب على الحدود الرومانية في الشرق. فالعلاقات بين سلّلايوس، الوزير النبطي، وبين هيرودوس herodos، ملك يهوذا "اليهودية" كانت قد تعقدت بعض الشيء مما أدى بالوزير النبطي إلى أن يحرِّض على قيام بعض الحركات الثورية ضد هيرودوس, الأمر الذي دفع


٤١ strabo: XVI, ٤:٢١.
٤٢ kammerer: ذاته، ص٢٤٢.

<<  <   >  >>