للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

هذا فيما يخص علاقة روما بجنوبي شبه الجزيرة العربية. أما في القسم الشمالي من شبه الجزيرة، فقد احتكت روما، كما أسلفت، بمنطقتين أساسيتين إحداهما مملكة الأنباط والأخرى مملكة تدمر. وفيما يخص مملكة الأنباط فإن أول ظهور واضح لها في مجال السياسة الخارجية كان في مجال العلاقات مع الإمبراطورية الرومانية. وفي هذا المجال نجد أن الرومان يعتمدون على الوزير النبطي سللايوس syllaeus "الشلاء أو الصلاء" ليرشد القوات الرومانية في طريقها إلى العربية الجنوبية. وقد عانت الحملة الرومانية كثيرًا، كما رأينا، من هذه الطريق التي استمر السير فيها ستة أشهر كاملة، قبل الوصول إلى هدفها، وهو أمر أثار الشك عند أحد الكتاب الذين عاصروا الحملة وهو سترابون الذي كان صديقا شخصيا لقائدها الروماني إيليوس جالوس, فيذكر لنا هذا الكاتب أن الوزير النبطي قد تعمد تضليل الحملة، وأنه كان يهدف من وراء ذلك إلى القضاء عليها أو إفشال هدفها بعد أن تكون قد دمرت بعض المدن التي قد تبدي شيئًا من المقاومة، ومن ثم يتمكن سللايوس بعد ذلك من فرض سيادته على كل المنطقة معتمدًا في مخططه هذا على ضعف شخصية الملك النبطي عبيدة Obodas. ثم ينهي الكاتب حديثه باكتشاف روما, بعد إخفاق الحملة، لأهداف سللايوس وإعدامه عقابًا على مجموعة أخطاء من بينها هذه الخديعة٣٩.

وقد كان الوزير النبطي سللايوس رجلا ذا شخصية قوية فعلا، وربما أقدم على هذه الخديعة، وربما لم يقدم عليها كما يذهب بعض الباحثين٤٠, ولكن تبقى في النهاية حقيقة لا تقبل الجدل وهي أن روما قد حاكمته وأعدمته


٣٩ strabo: XVI, ٤: ٢٤.
٤٠ عن قوة شخصية سللايوس راجع kammerer: petra et la nabatene ص١٩١. عن رأي يستبعد الخدعة راجع J.G.C. Anderson: CAH, X ص١٥٢ وحاشية١.

<<  <   >  >>