للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولكن يبدو مع ذلك أن كلًّا من الحملتين, أو إن الحملتين في مجموعهما, قد حققتا الهدف الاقتصادي والسياسي بالنسبة لروما. وهناك أكثر من دليل يشير إلى هذه النتيجة, فمن جهة يذكر لنا كاتب يوناني وصل إلينا كتابه وإن لم يصلنا اسمه أن "قيصر" أخضع عدن ٣٦eudaemon. وسواء أكانت تسمية "قيصر" تعني جايوس قيصر قائد الحملة البحرية أو تشير إلى أغسطس الذي كان يشار إليه عادة باسم قيصر، فالنتيجة واحدة. كذلك يذكر لنا بلينيوس أن جايوس قيصر قد "حصل على شهرة واسعة"٣٧ من وراء هذه الحملة, وهو حديث يدل على أن روما حققت هدفًا ملموسًا من وراء حملته. فإذا تذكرنا أنه لم يفعل في هذه الحملة أكثر من مجرد الظهور على سواحل الغربية الجنوبية يكون معنى هذا أن الحملة الأولى لم تكن فاشلة تماما في جانبها السياسي بحيث إن مجرد ظهور القوة الرومانية مرة أخرى بعد نحو عشرين سنة -وهي المدة المرجحة بين الحملتين- كان كافيا في حد ذاته لإخضاع عدن "حتى ولو أخذنا هذا الإخضاع بأقل معانيه وهو حصول روما على امتيازات في هذه الميناء". وأما الشاهد الأخير فهو شاهد أثري مؤداه أن حوالي نصف العملة الرومانية التي وجدت في الهند ترجع إلى عهد كل من الإمبراطور أغسطس والإمبراطور تيبريوس Tiberius ثاني الأباطرة الرومان. ومعنى هذا أن التجارة الرومانية مع الهند قد نشطت نشاطا كبيرا في هذه الفترة٣٨, وغني عن البيان أن نقطة الوسط في طريق التجارة بين روما والهند تشغلها السواحل الجنوبية لشبه الجزيرة العربية، الأمر الذي يدل على أن روما، إن لم تكن قد وضعت المنطقة تحت نفوذها, تكون قد حصلت على تسهيلات تجارية كبيرة في موانيها.


٣٦ periplos: ٢٦.
٣٧ plinius: HN, XII, ٥٥.
٣٨ M.Cary: A History of Rome ط٢، ١٩٦٠، ص٥٩١, حاشية ١٨.

<<  <   >  >>