للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد أبحر إيليوس جالوس بحملة من ميناء أرسينوي arsinoe المصرية عند الطرف الشمالي الشرقي لخليج القلزم "السويس حاليًا" ونزل بجنوده في ليوكي كومي leuke kome التي تقع على خط عرض ٢٥ شمالًا على الساحل الشرقي للبحر الأحمر، وهي آخر موانئ الأنباط جنوبًا على هذا الساحل، ومن هنا كان على الحملة أن تقطع المسافة الباقية إلى سبأ عن طريق الصحراء وهي مسافة تصل إلى ١٤٠٠ كيلومتر أو تزيد. وقد تعرضت الحملة على طول هذه المسافة إلى مصاعب لم تكن في حساب القائد الروماني، منها قلة المياه على الطريق وقلة مواد التموين, ومنها كذلك الأمراض المتوطنة التي تعرض لها قسم كبير من الجنود, ثم عدم توفر الطرق الصالحة لسير تشكيلات كبيرة من الجنود مما جعل هذه الحملة تستمر في طريقها ستة أشهر كاملة قبل أن تصل إلى حدود سبأ, بكل ما تعنيه هذه المدة الطويلة من صعوبات سواء اتخذت هذه الصورة تكاليف مادية أو هبوطًا في الروح المعنوية للجنود.

وحين وصلت هذه الحملة أخيرًا إلى سبأ لم تستطع أن تحقق هدفها الأساسي وهو الاستيلاء على عاصمة المملكة التي كان أغسطس يرمي إلى السيطرة عليها فقد وصل جالوس إلى مدينة يدعوها المؤرخ بلينيوس ماربه mariba "وربما تكون مأرب العاصمة" وبعد حصار دام ستة أيام اضطر أن يعود أدراجه؛ إذ لم يكن لديه من الماء ما يكفي لاستهلاك جنوده في حصار أطول من هذا، وبذلك تكون الحملة قد انتهت دون تحقيق هدفها العسكري. كذلك نسمع عن حملة رومانية أخرى أرسلها الإمبراطور أغسطس عن طريق البحر في وقت لاحق "ربما بعد عشرين سنة" إلى هذه المنطقة تحت قيادة ابنه بالتبني جايوس قيصر gaius caesar. ويبدو أن هذه الحملة لم تستغرق وقتا أو جهدا كبيرا إذ يذكر لنا الكاتب الروماني بلينيوس أن هذا القائد "لم يفعل أكثر من إلقاء نظرة سريعة على بلاد الغرب"٣٥.


٣٥ تفاصيل حملة إيليوس جالوس في ذاته: xvi, ٤: ٢٣-٤. عن حملة جايوس قيصر، plinius: HN, VI, ١٤١. عن إلقائه نظرة سريعة على بلاد العرب، ذاته: VI, ١٦٠.

<<  <   >  >>