للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والثانية بتعويض هذه الطريق بالسيطرة في حدود الإمكان على المناطق التي تمر بها الطريق التجارية البحرية من البحر الأحمر إلى المحيط الهندي، والتي يشكل القسم الجنوبي الغربي لشبه الجزيرة العربية نقطة حيوية تتحكم عند نقطة التقاء البحر بالمحيط٣٢.

وفي إطار هذه الظروف جميعًا كانت تدور علاقات الرومان بالتجمعات أو التكوينات السياسية في شبه الجزيرة العربية، وهي علاقات تعرضت من خلالها روما إلى ثلاث مناطق في شبه الجزيرة هي، حسب الترتيب الزمني: اليمن أو المنطقة الجنوبية الغربية، ومملكة الأنباط في القسم الشمالي الغربي، ثم مملكة تدمر في أقصى الشمال. وكان أول نشاط الرومان في هذا المجال هو الحملة التي أرسلها أغسطس augustus, أول الأباطرة الرومان، إلى منطقة سبأ في العربية الجنوبية عام ٢٥ ق. م. تحت قيادة إيليوس جالوس aelius gallus الوالي الروماني على مصر آنذاك. ويذكر لنا سترابون أن هناك اعتبارين وراء هذه الحملة: أحدهما هو السيطرة على مداخل البحر الأحمر إما عن طريق كسب العرب إلى صفه أو إخضاعه لهم. والاعتبار الآخر هو ما سمعه أغسطس عن الثروة الهائلة لهذه المنطقة التي تكثر بها الطيوب والتوابل؛ الأمر الذي أغراه بإرسال هذه الحملة حتى يتمكن من "أن يتعامل معهم كأصدقاء أغنياء أو أن يسيطر عليهم كأعداء أغنياء"٣٣ وهو تعليل يوضح تفاصيل كثيرة وصحيحة تدور كلها حول هذين الاعتبارين، كما يذكر سترابون عاملًا شجع أغسطس على هذه الحملة، وهو ما وعده به الأنباط من مساعدة في تنفيذها عن طريق إرشاد القائمين عليها إلى طرقات المنطقة وتعريفهم بأرضها٣٤.


٣٢ لطفي عبد الوهاب يحيى: ذاته، صفحات ٨-٩.
٣٣ strabo: XVI, ٤: ٢٢.
٣٤ ذاته: الموضع ذاته.

<<  <   >  >>