للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الإمبراطور تيبريوس "١٤-٣٧م" ففي هذه السنة نجد قرارات رومانية تتعلق بالجمارك الخاصة بهذه المدينة٤٥. أما عن السبب الذي أدى بدخول تدمر في دائرة النفوذ الروماني فيكمن في عاملين متداخلين يتعلقان، كما سبق أن رأينا في حالة مملكة الأنباط، بوجود الخطر الفارسي في الشرق. إن توترًا كان يشوب العلاقات الرومانية الفارسية بشكل يكاد يكون مستمرًّا، وكان هذا التوتر يعبر عن نفسه في شكلين متكاملين. والشكل الأول هو محاولة دائبة من جانب الفرس لقطع الطرق التجارية التي تصل الإمبراطورية الرومانية بتجارة الشرق الأقصى عبر آسيا الوسطى، أو على الأقل تهديد هذه الطرق. وأما الشكل الثاني فهو انفجار هذا التوتر بشكل مسلح, كثيرا ما كان يقع على الحدود الفاصلة بين الإمبراطوريتين الكبيرتين. وقد كانت تدمر تقع فيما يمكن أن نسميه المنطقة الحرام الواقعة قرب هذه الحدود: إلى شرقيها يقع وادي الرافدين الذي يسيطر عليه الفرس, وإلى غربيها تقع سورية التي يسيطر عليها الرومان، ثم في وسط موقعها يمر الخط التجاري المهم الذي يوصل بين الشرق والغرب في أقصى الشمال من شبه الجزيرة العربية.

ولعل هذا الموقع الحساس في نقطة الوسط بين الإمبراطوريتين هو الذي حدد شكل العلاقة بين روما وبين هذه الواحة في قلب الصحراء، بحيث اختلفت هذه العلاقة عما رأيناه بين روما وبين مملكة الأنباط. ذلك أن منطقة الأنباط كانت تقع على الحدود المباشرة للإمبراطورية الرومانية، ومن هنا كانت روما تستطيع أن تلجأ معها إلى سياسة العصا الغليظة، سواء في حالة التبعية غير المباشرة أو التبعية الرسمية كولاية رومانية كما رأينا في أكثر من مثال في أثناء الحديث عن هذه العلاقة. ولكن الوضع كان مختلفًا في حالة تدمر فهي على الحدود بين الخصمين اللدودين ومن ثم يصبح من السهل عليها إذا


٤٥ راجع ترجمة لنصوص بعض هذه القرارات في KAMMERER ذاته، صفحات ٣١٣-٣١٤.

<<  <   >  >>