للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ضغط عليها طرف أكثر من اللازم, أن تنقل ولاءها للطرف الآخر. ومن هنا فإن سياسة الإمبراطورية الرومانية إزاءها اتسمت منذ البداية بشيء غير قليل من الليونة التي تركت لهذه المدينة كثيرًا من الاستقلال في الحركة المستقلة رغم تبعيتها للإمبراطورية الرومانية, سواء بشكل غير رسمي أو بشكل رسمي بعد ذلك.

وفي ضوء هذا المفهوم نجد تدمر هي والمدن الصغيرة التابعة لها, تنتقل من النفوذ الروماني الصامت إلى تبعية واضحة للإمبراطورية الرومانية على عهد الإمبراطور هادريانوس hadrianus "١١٧-١٣٨م" وعلى أثر زيارة قام بها هذا الإمبراطور للمدينة في ١٣٠م تدشن هذه التبعية ليصبح اسم المدينة بالميرا هادريانا palmyra hadriana "أي: تدمر الهادريانية، إذ كان اسم تدمر عند الرومان هو بالميرا, أي: مدينة النخيل بسبب الأعداد الهائلة من النخيل التي كانت موجودة بها". ثم نجد الإمبراطور سبتميوس سيفيروس septimius severus "١٩٣-٢١١ م" يحولها هي والمدن التابعة لها إلى مدن لها وضع مدن الولايات الرومانية، وأخيرًا تصبح تدمر في أوائل القرن الثالث الميلادي ولاية رومانية رسمية. ولكن في كل هذه الأحوال اكتفت روما بالتبعية الاسمية من جانب هذه المدينة تاركة لها قدرًا يكاد يكون كاملًا من الاستقلال الإداري الذي وصل إلى درجة الحكم الذاتي٤٦.وقد قابلت المدينة هذا الموقف من جانب روما بشيء كثير من الولاء في خدمة مصالح الإمبراطورية الرومانية. ففي أثناء الصراع الطويل الذي نشب بين الرومان والساسانيين "الذين خلفوا حكم الفرثيين في الإمبراطورية الفارسية" وقفت تدمر في جانب الرومان ووصل الأمر في ٢٦٠م إلى موقف من جانب تدمر ظهر فيه قدر كبير من الإيجابية إزاء الرومان. ففي ذلك العام


٤٦ عن آراء مختلفة في توقيت مراحل التبعية راجع KAMMERER ذاته، ص٣١٧؛ كذلك hitti: ذاته، ص٧٥؛ Cary: ذاته، ص٧٢٤.

<<  <   >  >>