للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الإقفار على المنطقة حتى في العصور التاريخية٢١.

وقد انقسم أصحاب هذا الرأي حول تحديد المكان الذي انطلقت منه هذه الهجرات من شبه الجزيرة العربية, فقال بعضهم: إن وسط شبه الجزيرة وبخاصة منطقة نجد، هي الموطن الأول الذي انطلقت منه الهجرات السامية إلى حيث استقرت في العصور التاريخية, ويرى هؤلاء أن هذه المنطقة تمثل الصفات الأساسية التي تجمع بين الشعوب السامية خير تمثيل؛ ومن ثم فهي أنسب من غيرها من المناطق لكي تكون موطنا أصليا لهذه الشعوب٢٢, غير أن ضعف هذا الافتراض يبدو واضحًا في جانبين: الجانب الأول: هو أن منطقة نجد تفتقر كثيرا إلى أسباب الحياة التي تؤدي إلى تكاثر السكان وتضخم عددهم بالصورة التي تجعها خزانا بشريا لا يلبث أن يفيض بما فيه من هؤلاء السكان فينطلقون منه في موجات مهاجرة متعاقبة, فالمنطقة لا يوجد فيها إلا عدد قليل من الواحات المتناثرة وسط ساحات كبيرة مقفرة, كذلك فإن قيام هجرات من هذه المنطقة إلى أطراف شبه الجزيرة في الشمال والجنوب والشرق والغرب "كما يرى أصحاب هذا الرأي" تلزمه دابة نقل مثل الجمل الذي يستطيع أن ينقل أحمالًا ثقيلة لمسافات طويلة في الأرض الرملية وفي الجو الحار الجاف في ظروف قد تنقطع فيها المياه أيامًا متعاقبة. وفي هذا المجال فإن الجمل لم يظهر في مناطق الشعوب السامية إلا منذ القرن الثاني عشر ق. م. أما دابة النقل


٢١ عن ترتيب الهجرات راجع: G.ROUX: المرجع ذاته، ص ٣٧. عن ترتيب الهجرات بشكل مفصل راجع: نجيب ميخائيل إبراهيم: المرجع ذاته، صفحات ٢٣-٣٠. عن عرض ملخص لدعامات هذا الرأي راجع، جواد علي: المرجع ذاته، صفحات ٢٤٢-٢٤٥.
٢٢ karl brockelmann: grundrisse der vergleichende grammatik der semitischen sprachen, hommel ethnologie und geographie des alten orients، ج ١ ص ٢ "berlin, ١٩٠٨"
"١٩٢٦ و muenchen" ص ١٠.

<<  <   >  >>