للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

التي عرفتها المنطقة قبل ذلك فهي الحمار الذي لا يصلح إلا لنقل أحمال محدودة لمسافات محدودة٢٣.

أما القسم الآخر من أصحاب نظرية الهجرات المنظمة من شبه الجزيرة العربية فيرون أن اليمن هي الموطن الذي انطلقت منه الهجرات السامية. ودليلهم في ذلك أن إله القمر الذي عرفه اليمنيون ظهر كذلك بين بعض الشعوب السامية الأخرى، كما يرون أن الخط المسند الذي عرف في اليمن هو الذي اشتقت منه سائر الخطوط التي كتبت بها الشعوب السامية الأخرى ومنها الخط الفينيقي٢٤. على أن هذا الرأي يعتوره عدد من نقاط الضعف, ومن بين هذه النقاط أن اليمن ظل لفترة طويلة منطقة خصبة مستقرة, ودليلنا على هذا الاستقرار ما وصل إليه سكانه من مستوى حضاري مزدهر في عصوره السابقة للإسلام، وهو مستوى ظهر في أكثر من جانب, سواء في ذلك بناء السدود أو تنظيم الري والزراعة أو الطرز المعمارية أو انتشار العملة ورسوخها أو العلاقات السياسية الخارجية. وإذا كان اليمن قد ظهرت فيه بعض الاضطهادات أو الاضطرابات أو حتى بعض التراخي الحضاري في فترة أو أخرى من فترات تاريخه، فإن هذا لا يكفي لأن يدفع بسكانه إلى هجرات كبيرة منتظمة أو شبه منتظمة إلى خارج البلاد.

كذلك فإن انتقال عبادة إله القمر من اليمن إلى بعض الشعوب السامية لا يعني بالضرورة هجرات بشرية حملت معها هذه العبادة إلى مناطق أخرى. فهناك عقائد وعبادات قديمة انتقلت وانتشرت خارج المناطق التي ظهرت فيها دون هجرات على الإطلاق، مثل عبادة الإله آمون المصري التي عرفت طريقها


٢٣ g. roux: المرجع ذاته، صفحات ١٣٧ - ١٣٨.
٢٤ "alexandria, ١٩٤٩" philby: the background of islam
صفحات ٩ وما بعدها، "montgomery: arabia and the bible ١٩٣٤ philadelphia" ص ١٢٦.

<<  <   >  >>