للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الشواهد التي تؤيده الهجرات التي انطلقت في القرن الثاني عشر ق. م. من سهوب آسيا الوسطى بسبب عوامل الإقفار والقحط المترتب عليه. واندفعت غربا لكي تستقر في بعض مناطق آسيا الصغرى والقسم الشرقي من أوروبا وليفر أمامها عدد من الشعوب أو الأقوام التي حاولت أن تستقر في مناطق مختلفة على الشواطئ الشرقية للبحر المتوسط, وقد عرفت هذه الشعوب في التاريخ القديم باسم شعوب البحر٣١. ومن هذه المنطقة "آسيا الوسطى" كذلك انطلقت في القرن الرابع الميلادي قبائل الهون التي أغارت على الحدود الشمالية الشرقية للإمبراطورية الرومانية واستقرت في عدد من مناطق أوروبا الشرقية. والمنطقة نفسها شهدت في القرن الحادي عشر الميلادي انطلاق القبائل التركية التي استقرت في آسيا الصغرى والشريط الساحلي الأوروبي لمداخل البحر الأسود لتؤسس الدولة العثمانية فيما بعد.

ولكن مع ذلك فالتاريخ يقدم لنا، من الجانب الآخر، أمثلة لا يرتبط فيها الجفاف والإقفار بالهجرات الكبيرة أو الدورية, فهناك مناطق انطلقت منها هجرات كبيرة دون أن تتعرض لأي جفاف أو إقفار، وأوضح مثل على ذلك هو هجرات القبائل الجرمانية المتبربرة التي اتجهت من مواطنها الأصلية في شمالي أوروبا لتجتاح حدود الإمبراطورية الرومانية في القرن الرابع وأوائل القرن الخامس الميلادي، على أن المنطقة التي جاءوا منها لم تتعرض لجفاف أو للإقفار. كذلك هناك مناطق أصابها الجفاف والإقفار ولم يؤدِّ ذلك إلى هجرة سكانها، وعلى سبيل المثال فقد عرفت مصر عدة فترات من الجفاف والقحط نتيجة لعدم فيضان النيل كانت كل فترة منها تمتد عدة سنوات،


٣١ النصوص المتعلقة بهجرات وتحركات شعوب البحر، ترجمة إنجليزية لها وتعليق عليها في: J.Wilson:the war against the people of the
G.a,wainwright some. ٢٦٢ - ٢٦٣ صفحات sea "anet"
sea-peoples and others in the hittite archives, journal of egyptian archaeology "J.E.A." XXV ١٩٣٩.

<<  <   >  >>