للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قليل من الحرج والتناقض وما يؤدي إليه هذا من تخريجات وتبريرات من بينها, على سبيل مثال واحد، ما عمد إليه بعضهم في سد الفجوة بين أجيال العرب العاربة والمستعربة٤٣.

والتصور الذي أطرحه أعود فيه إلى ما سبق أن ذكرته في هذا الحديث وهو أن نقاء العناصر أو الأجناس أمر لم يعد واردًا من الناحية العلمية الآن؛ ومن ثم فإن محاولة تنسيب العرب إلى أصل معين، سواء إلى سام أو إلى غير سام، تخرج بدورها عن نطاق التحديد العلمي. وأزيد هنا أن محاولات التنسيب والتأصيل العرقي كانت طريقة سائدة في العصور القديمة, كما حدث, على سبيل المثال, عندما حاول الرومان تنسيب -أن ينسبوا- رومولوس ROMOLUS المؤسس الأسطوري لمدينة روما إلى البطل الطروادي إينياس aeneas "الذي قد يكون بدوره بطلا أسطوريا". بل لقد وصلت هذه المحاولات عند عدد من الشعوب إلى تنسيب الآلهة ذاتها, كما حدث في ملحمة "إينوما إيليش" "حينما في العلا" التي تروي أسطورة الخلق عند البابليين، أو في ملحمة "ثيوجونيا" theogonia "سلالة الآلهة" التي حاول فيها الشاعر اليوناني هزيودوس hesiodos أن يفصل فيها نسب الآلهة عند اليونان٤٤. فإذا أضفنا إلى هذا الاتجاه العام ما ذكرته عن تمسك عرب شبه الجزيرة في الجاهلية


٤٣ هذه الملاحظة في سعد زغلول عبد الحميد: في تاريخ العرب قبل الإسلام، بيروت، ١٩٧٥، ص٨٤ "راجع ابن خلدون: ذاته، ج٢، ص٤٧ مقتبسة في حاشية ٣ في الصفحة ذاتها".
٤٤ النص الكامل لملحمة إينوما إيليش في anet، صفحات ٦١-٧٢، نقل النص الآكدي إلى الإنجليزية e.a.speiser تحت عنوان: the creation epic. عن سلالة الآلهة عند اليونان راجع: hesiod theogonia، الملحمة كلها. عن إينياس ورومولوس، راجع عرضا عاما لمحاولات الرومان في هذا الصدد في m. cary: a. history of rome ط٢ "١٩٦٠ oxford" ص٣٥، وحاشية ١٢، ص٤٠. عن أسفار إينياس الأسطورية التي حملته إلى الشواطئ الإيطالية راجع الإنيادة للشاعر اللاتيني فرجيليوس، النشيد الثالث.

<<  <   >  >>