للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

نقل النووي كلام العلماء في معنى قوله -صلى الله عليه وسلم-: «تِلْكَ عَاجِلُ بُشْرَى الْمُؤْمِنِ» فقال رحمه الله: "قال العلماء: معناه: هذه البشرى المعجلة له بالخير وهي دليل على رضاء الله تعالى عنه ومحبته له، فيحببه إلى الخلق كما سبق في الحديث (١)، ثم يوضع له القبول في الأرض، هذا كله إذا حمده الناس من غير تعرض منه لحمدهم، وإلا فالتعرض مذموم" (٢).

قال السيوطي رحمه الله: "قال: «تِلْكَ عَاجِلُ بُشْرَى الْمُؤْمِنِ» أي: هذه البشرى المعجلة دليل للبشرى المؤخرة إلى الآخرة" (٣).

خطر السمعة:

يقال هنا ما قيل في خطر الرياء لتقارب الآفتين، ويضاف ما ورد في الحديث: «مَنْ سَمَّعَ سَمَّعَ اللَّهُ بِهِ يَوْمَ القِيَامَة» الحديث.

يَقُولُ -صلى الله عليه وسلم-: «مَنْ سَمَّعَ النَّاسَ بِعَمَلِهِ سَمَّعَ اللهُ بِهِ سَامِعَ خَلْقِهِ، وَصَغَّرَهُ وَحَقَّرَهُ»، قَالَ الراوي: فَذَرَفَتْ عَيْنَا عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ.

ففي هذين الحديثين بيان عقوبة من يقع في السمعة في الدنيا والآخرة.

وذكر أهل العلم (٤) في شرح هذا الحديث عدة معان تدل على خطورة السمعة، ودونك أهمها:

١ - أنه إذا عمل يريد سماع ثناء الناس ليكرموه ويعظموه ويعتقدوا خيره سمع الله به يوم القيامة الناس وفضحه.

٢ - يفضحه الله في الدنيا ويظهر ما كان يبطنه ويخفيه عن الناس.

٣ - وقيل: إذا أراد بالسمعة الجاه والمنزلة عند الناس ولم يرد به وجه الله فإن الله يجعله حديثًا عند الناس


(١) يشير رحمه الله إلى حديث: «إِذَا أَحَبَّ اللَّهُ العَبْدَ نَادَى جِبْرِيلَ: إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ فُلَانًا فَأَحْبِبْهُ، فَيُحِبُّهُ جِبْرِيلُ، فَيُنَادِي جِبْرِيلُ فِي أَهْلِ السَّمَاءِ: إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ فُلَانًا فَأَحِبُّوهُ، فَيُحِبُّهُ أَهْلُ السَّمَاءِ، ثُمَّ يُوضَعُ لَهُ القَبُولُ فِي الأَرْضِ»، وحديث أَبِي ذَرٍّ -رضي الله عنه- قَالَ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، الرَّجُلُ يَعْمَلُ لِنَفْسِهِ فَيُحِبُّهُ النَّاسُ؟ قَالَ: «تِلْكَ عَاجِلُ بُشْرَى الْمُؤْمِنِ». أخرجه أحمد في المسند (٣٥/ ٣٧٩) ح (٢١٤٧٧)، وصحح إسناده شعيب الأرناؤوط في تحقيقه لمسند أحمد (٣٥/ ٣٧٩) ح (٢١٤٧٧).
(٢) شرح النووي على مسلم (١٦/ ١٨٩).
(٣) شرح السيوطي على مسلم (٥/ ٥٥٦).
(٤) ينظر في ذلك: شرح النووي على مسلم (١٨/ ١١٦)، فتح الباري لابن حجر (١١/ ٣٣٦ - ٣٣٧).

<<  <   >  >>