للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

نَعْبُدُ}، والمعجب لا يحقق قوله: {وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ}، فمن حقق قوله: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ} خرج عن الرياء، ومن حقق قوله: {وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} خرج عن الإعجاب" (١).

مما يدل على خطر العجب على الأمة، وأثره العظيم في حصول الهزيمة، ما ذكره الله في تعقيبه على غزوة حنين وهو يربي الأمة على الحذر من هذه المسالك، حينما حصل هزيمة في أول المعركة بسبب العجب بالكثرة وتعلق القلب بها، فقال سبحانه: {لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ} [التوبة: ٢٥]، وكان من أسباب الخلل والهزيمة العجب الذي أدى إلى ركون القلب إلى الكثرة والاعتداد بها بأنهم لن يهزموا، وغفلوا عن أن النصر من الله، وليس بالكثرة ولا بالقوة المادية، فأصابهم الخذلان، ولم تغن عنهم الكثرة شيئًا، فحصلت الهزيمة والفرار في أول المعركة من هؤلاء، وثبّت الله نبيه -صلى الله عليه وسلم- والمؤمنين معه، ونصرهم في نهاية المعركة، حيث قال -سبحانه وتعالى-: {ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَنْزَلَ جُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا وَعَذَّبَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَذَلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ} [التوبة: ٢٦].


(١) مجموع الفتاوى (١٠/ ٢٧٧).

<<  <   >  >>