للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بل الأمر أعظم من ذلك، فالله يفرح بتوبة عبده فرحًا عظيمًا قرّبه النبي -صلى الله عليه وسلم- بمثال؛ ليظهر منه عظيم فرحة الرب -سبحانه وتعالى- بتوبة عبده.

يَقُولُ -صلى الله عليه وسلم-: «لَلَّهُ أَشَدُّ فَرَحًا بِتَوْبَةِ عَبْدِهِ الْمُؤْمِنِ مِنْ رَجُلٍ فِي أَرْضٍ دَوِّيَّةٍ مَهْلِكَةٍ، مَعَهُ رَاحِلَتُهُ، عَلَيْهَا طَعَامُهُ وَشَرَابُهُ، فَنَامَ فَاسْتَيْقَظَ وَقَدْ ذَهَبَتْ، فَطَلَبَهَا حَتَّى أَدْرَكَهُ الْعَطَشُ، ثُمَّ قَالَ: أَرْجِعُ إِلَى مَكَانِيَ الَّذِي كُنْتُ فِيهِ، فَأَنَامُ حَتَّى أَمُوتَ، فَوَضَعَ رَأْسَهُ عَلَى سَاعِدِهِ لِيَمُوتَ، فَاسْتَيْقَظَ وَعِنْدَهُ رَاحِلَتُهُ وَعَلَيْهَا زَادُهُ وَطَعَامُهُ وَشَرَابُهُ، فَاللهُ أَشَدُّ فَرَحًا بِتَوْبَةِ الْعَبْدِ الْمُؤْمِنِ مِنْ هَذَا بِرَاحِلَتِهِ وَزَادِهِ» (١).

وحتى يحصل من التوبة والاستغفار أثرهما على التائب، فلا بد من مراعاة أمور، وهي:

١ - الندم على ما حصل من الذنوب، وهو من أكثر العلامات الدالة على صدق التوبة، يَقُولُ -صلى الله عليه وسلم-: " النَّدَمُ تَوْبَةٌ " (٢)، فإذا ندم الحاج على ما حصل منه من ذنوب وتقصير في حق الله، فهذه علامة على صدق التوبة.

والندم هو الأسف والحسرة التي تكون في القلب على ما حصل من الذنب مما يؤدي إلى بقية شروط التوبة من:

٢ - الإقلاع عن الذنب، وهو دليل على صدق الندم في القلب الذي يثمر إقلاع العبد عن الذنب وعدم إصراره عليه، وقال تعالى في صفات عباده المتقين عند توبتهم من الذنب {وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ} [آل عمران: ١٣٥].


(١) أخرجه مسلم (٤/ ٢١٠٣) ح (٢٧٤٤).
(٢) أخرجه أحمد (٧/ ١١٣) ح (٤٠١٢)، وابن ماجه (٢/ ١٤٢٠) ح (٤٢٥٢)، وابن حبان (٢/ ٣٧٧) ح (٦١٢)، والحاكم (٤/ ٢٧١) ح (٧٦١٢) وصححه ووافقه الذهبي، وصححه الألباني في صحيح الجامع الصغير (٢/ ١١٥٠) ح (٦٨٠٢)، وقال محقق المسند (٧/ ١١٣) ح (٤٠١٢): "حديث صحيح وهذا إسناد قوي".

<<  <   >  >>