للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وفي رواية قَالَ -صلى الله عليه وسلم-: " الْإِيمَانُ أَرْبَعَةٌ وَسِتُّونَ بَابًا، أَرْفَعُهَا وَأَعْلَاهَا قَوْلُ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَأَدْنَاهَا إِمَاطَةُ الْأَذَى عَنِ الطَّرِيقِ" (١).

٣ - وفضائل هذه الكلمة العظيمة قد كُتِبَ فيها الكتب، وتعرضوا لما يتعلق بها من معنى وشروط ولوازم في كتب العقائد.

٤ - وإذا كان الذاكر لله بهذه الكلمة العظيمة حاضر القلب يدرك معاني ما يقوله بلسانه في هذا الموقف العظيم، واتفق القلب مع اللسان، فإن لهذا الدعاء والثناء على الله والذكر بكلمة التوحيد أثره العظيم على صلاح ظاهر الإنسان وباطنه، وبراءته من الشرك، ومن كل تعلقات القلب بغير الله، ولو رسخ في قلب المسلم عظمة هذه الكلمة، وفهم معناها، وعمل بمقتضاها؛ لأدى ذلك إلى قلع وخلع جذور الشرك بالله من القلب.

٥ - ولأن كلمة التوحيد تعني إفراد الله بالعبادة والإقرار بتوحيد الألوهية والربوبية لله تعالى، وماله من الأسماء الحسنى والصفات العليا، ولهذا كانت دعوة جميع الأنبياء عليهم السلام لأممهم الدعوة إلى تحقيق معاني هذه الكلمة في حياتهم، وإفراد الله بجميع العبادة، ولا يصرف منها شيء لغيره، قال تعالى: {لَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَقَالَ يَاقَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ} [الأعراف: ٥٩]. وقالها صالح وهود وشعيب وكل نبي لقومه.

وقال تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ} [الأنبياء: ٢٥].

وقالها النبي صلى الله عليه وسلم لقومه حتى إنهم عجبوا من هذه الدعوة إلى توحيد الله وإفراده بالعبادة، وهي مقتضى كلمة التوحيد: لا إله إلا الله التي بلغها لهم، فقالوا مستعجبين كما ذكر الله عنهم: {أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ} [ص: ٥].


(١) وهي في مسند أحمد (١٤/ ٤٩٦) ح (٨٩٢٦) وقال المحقق: " إسناده صحيح على شرط مسلم".

<<  <   >  >>