والعبادة، والوَرع والتقوى، والزَّهَادة والإحسان إلى الخلائق مع اختلافهم، وبَذْلِ المجهود في اجتماع قلوبهم وائتلافهم، وقد ارتحل إليه الناسُ من سائر الأقطار، وقَصَدوه من كلِّ النواحي والأمصار (١).
أما أمُّه: فهي بنتُ الشيخِ الصَّالحِ تقيِّ الدين مُظَفَّر بنِ عبد اللَّه المشهورِ بالمُقْترَح.
قال الأُدفُوي: فأصلاهُ كريمانِ، وأبواهُ عظيمانِ.
وقد ذَكَر والدُه: أنَّه أخذه عند ولادته وطاف به الكعبةَ، وجعل يدعو اللهَ أنْ يجعلَه عالمًا عاملًا.
ابتدأ الشيخُ بقراءة القرآن العظيم، حتى حَصَلَ منه على حظٍّ جسيم، ونشأ بقُوص على حالة واحدة من الصَّمت والاشتغال بالعلوم، ولُزومِ الصيانة والديانة، فاشتغل بالفقهِ على مذهب الإمامين مالك والشافعيِّ على والده، وكان قد اشتغل بمذهب الشافعيِّ أيضًا على تلميذ والده الشيخِ بهاء الدين هِبَةِ اللَّه القِفْطي، وكان يقول: البهاءُ مُعلِّمي.
وقرأ الأصولَ على والده، ثم سَمعَ بمِصْر والشام والحِجاز، على تحرٍّ في ذلك واحتِراز، فرحلَ إلى القاهرة؛ فقرأ على شيخِ الإسلام العزِّ ابنِ عبد السلام، وقرأ العربيةَ على الشيخ شرفِ الدِّين محمد بن أبي الفَضْل المُرْسِي، وغيره.
ثم ارتحل في طلب الحديث إلى دمشقَ والإسكندريَّة وغيرهما، وسمع
(١) انظر: "الطالع السعيد" للأدفوي (ص: ٤٢٤)، و"مرآة الجنان" لليافعي (٤/ ١٦٦)، وكان قد توفي رحمه اللَّه سنة (٦٦٧ هـ).