(٢) لأن البلاغة كل ما تبلغ به المعنى قلب السامع، فتمكنه في نفسه كتمكنه في نفسك، مع صورة مقبولة، ومعرض حسن - وإنما جعلنا حسن المعرض وقبول الصورة شرطا في البلاغة، لأن الكلام إذا كانت عبارته رثة، ومعرضه خلقا، لم يسم بليغاً وإن كان مفهوم المعنى، مكشوف المغزى. فعناصر البلاغة إذاً (لفظ ومعنى، وتأليف للألفاظ) ، يمنحها قوة وتأثيراً وحسنا، ثم دقة في اختيار الكلمات والأساليب، على حسب مواطن الكلام ومواقعه، موضوعاته وحال السامعين، والنزعة النفسية التي تتملكهم وتسيطر على نفوسهم - فرب كلمة حسنت في موطن، ثم كانت مستكرهة في غيره - ورب كلام كان في نفسه حسنا خلايا، حتى إذا جاء في غير مكانه، وسقط في غير مسقطه، خرج عن حد البلاغة، وكان غرضا لسهام الناقدين..