فالبلاغة ليست في اللفظ وحده، وليست في المعنى وحده، ولكنها أثر لازم لسلامة تألبف هذين وحسن انسجامهما، وقد علم أن البلاغة أخص والفصاحة أعم لانها مأخوذة في تعريف البلاغة - وان البلاغة يتوقف حصولها على أمرين - الأول: الاحتراز عن الخطأ في تأدية المعنى المقصود، والثاني: تمييز الكلام الفصيح من غيره - لهذا كان للبلاغة درجات متفاوتة تعلو وتسفل في الكلام بنسبة ما تراعى فيه مقتضيات الحال - وعلى مقدار جودة ما يستعمل فيه من الأساليب في التعبير والصور البيانية والمحسنات البديعية، وأعلى تلك الدرجات ما يقرب من حد الاعجاز، واسفلها ما إذا غير الكلام عنه إلى ما هو دونه التحق عند البلغاء بأصوات الحيوانات العجم وان كان صحيح الاعراب: وبين هذين الطريفين مراتب عديدة.