للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

نلاحظ هنا حجم الحماس الذي كان يكنه الشيعة لمناصرة الحسين -رضي الله عنه-، والذي سرعان ما ذهب مع أدراج الرياح، ويبدو أن لسان حالهم كحال محمد بن بشير، فهم يريدون الحكم للحسين -رضي الله عنه- ولم يوطنوا أنفسهم على الموت أصلًا في سبيل نصرته، وما أرادوا إلا الفتنة والإرجاف.

* موقف النعمان بن بشير -رضي الله عنه- من مسلم بن عقيل وسبب عزله:

[٤٢]- (ففشا أمره بالكوفة حتى بلغ ذلك النعمان بن بشير أميرها، فقال: لا أقاتل إلا من قاتلني، ولا أثب إلا على من وثب عليّ، ولا آخذ بالقرفة (١) والظنة، فمَنْ أبدى صفْحَتَه ونكث بيعته ضربتُه بسيفي ما ثبت قائِمُه في يدي، ولو لم أكن إلا وحدي. وكان يحب العافية ويغتنم السلامة.

فكتب مسلم بن سعيد الحضرمى (٢) وعمارة بن عقبة (٣)، وكانا عيني يزيد بن معاوية إلى يزيد يعلمانه قدوم مسلم بن عقيل الكوفة داعيًا للحسين بن علي، وأنه قد أفسد قلوب أهلها عليه، فإن يكن لك في سلطانك حاجة فبادر إليه من يقوم بأمرك، ويعمل مثل عملك في عدوك، فإن النعمان رجل ضعيف أو متضاعف، والسلام.

فلما ورد الكتاب على يزيد أمر بعهد، فكتب لعبيد الله بن زياد على الكوفة، وأمره أن يبادر إلى الكوفة، فيطلب مسلم بن عقيل طلب الحرزة (٤)


(١) القرفة: جاء معناها في باب القاف والراء والفاء والقرف من الذنب، وفلان يقرف بالسوء أي يرمى به ويظن به، واقترف ذنبًا أي أتاه وفعله. الفرهيدي: كتاب العين: ٥/ ١٤٦.
(٢) مسلم بن سعيد الحضرمي، والصحيح أن اسمه (عبد الله بن مسلم) الطبري ٥/ ٣٥٦، وهو حليف الأمويين كوفي من الثالثة، المعجم الصغير لرواة الإمام الطبري ١/ ٣٢٨.
(٣) عمارة بن عقبة بن أبي معيط، الأموي القرشي، وهو ممن أسلم عام الفتح، وقد نزل الكوفة وله بها ولد، ومن أولاده مدركه. ابن حجر: الإصابة ٤/ ٤٨١، البلاذري: الأنساب ٩/ ٣٤٨.
(٤) الحرزة: في مادة (ح ر ز) كل شيء ضممته وحفظته فقد أحرزته إحرازًا. ابن دريد الأزدي: جمهرة اللغة ١/ ٥١٠.

<<  <   >  >>