للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

* خذلان أهل الكوفة لمسلم بن عقيل:

وقال عبيد الله بن زياد لمن كان عنده من أشراف أهل الكوفة: لِيُشْرِفْ كل رجل منكم في ناحية من السور، فخوِّفوا القوم.

فأشرف كثير بن شهاب (١)، ومحمد بن الأشعث، والقعقاع بن شور (٢)، وشبث بن ربعي، وحجار بن أبجر، وشمر بن ذي الجوشن (٣)، فتنادوا: يا أهل الكوفه، اتقوا الله ولا تستعجلوا الفتنة، ولا تشقوا عصا هذه الأمة، ولا توردوا على أنفسكم خيول الشام، فقد ذقتموهم، وجربتم شوكتهم، فلما سمع أصحاب مسلم مقالتهم فَتَرُوا بعض الفتور.

وكان الرجل من أهل الكوفة يأتي ابنه، وأخاه، وابن عمه فيقول: انصرف، فإن الناس يكفونك، وتجيء المرأة إلى ابنها وزوجها وأخيها فتتعلق به حتى يرجع.

فصلى مسلم العشاء في المسجد، وما معه إلا زهاء ثلاثين رجلًا، فلما رأى ذلك مضى منصرفًا ماشيًا، ومشوا معه، فأخذ نحو كِندة، فلما مضى قليلًا التفت فلم يرَ منهم أحدًا، ولم يصب إنسانًا يدله على الطريق، فمضى هائمًا على وجهه في ظلمة الليل حتى دخل على كِندة، فإذا امرأة (٤) قائمة على باب


(١) كثير بن شهاب بن الحصين، سيد مذحج في الكوفة، ولي لمعاوية -رضي الله عنه- الري، اختلف في صحبة ورجحها ابن حجر. ابن حجر: الإصابة ٥/ ٤٢٧.
(٢) القعقاع بن شور السدوسي الذهلي، وهو تابعي من سادات ربيعة. ابن عساكر: تاريخ دمشق ٤٩/ ٣٥٢.
(٣) شمر بن ذي الجوشن (واسم ذي الجوشن شرحبيل) العامري الضبابي، يكنى أبا السابغة، وهو الذي أشار على عبيد الله بن زياد ألَّا يقبل من الحسين -رضي الله عنه- إلا أن ينزل على حكمه، وأحد قتلة الحسين -رضي الله عنه- ويقال: إنه هو مَنْ باشر قتله، ثم إنه قدم على يزيد في أهل الحسين -رضي الله عنه-، بيته أصحاب المختار فقتلوه. ابن عساكر: تاريخ دمشق ٣٢/ ١٨٦.
(٤) اسمها طوعة. ابن سعد: الطبقات ١/ ٤٦١ (ت د. محمد السلمي).

<<  <   >  >>