للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

والشك في أمر هذا الكتاب ومؤلفه، والذي لفت نظري إلى فرضية أن الكتاب منسوب إلى أبي حنيفة الدينوري وليس له على الحقيقة، ثم بدأت أجمع الأدلة التي تثبت التباعد بينه وبين كتاب الأخبار الطوال ومما وجدت:

- يعتبر ابن النديم أول من نسب الكتاب لأبي حنيفة، وهو غير موثوق؛ لأن جميع من ترجم لأبي حنيفة قبله لم يذكروا أن له كتابًا اسمه الأخبار الطوال، ومنهم ابن حوقل المتوفى سنة ٣٦٧ هـ حينما عرف بعلماء الدينور فقال: (وأبو حنيفة صاحب كتاب الأنواء وهو كتاب في غاية الحسن والجمال وله كتاب النبات في وجوه اللغة وغير ذلك من التآليف) (١).

وقد ترجم له أبو حيان التوحيدي وهو معاصر لابن النديم كما سبق وكلاهما في بغداد، ولم يذكر أن لأبي حنيفة كتابًا باسم الأخبار الطوال، مع أنه أطال في الترجمة وذكر شيئًا من أخباره مما لم يذكره غيره، ثم ترجم له الخليلي المتوفى سنة ٤٤٦ هـ، ولم يذكر أن له كتابًا اسمه الأخبار الطوال، وهو معاصر لابن النديم أيضًا، ويبدو أنه زار الدينور بعد وفاة أبي حنيفة، أو أنه التقى بعلمائها وسمع ثناءهم عليه، فلو عرفوا له كتاب الأخبار لم يثنوا عليه؛ لأن من يطلع على الكتاب لا يعدل صاحبه كما فعلوا.

وهذا يجعلنا نتساءل: كيف عرف ابن النديم أن لأبي حنيفة كتاب اسمه الأخبار الطوال، ولم يعرف أحد ممن كان قبله أو ممن عاصره؟ بل إنه قد انفرد في نسبته طيلة الفترة التي أعقبت ذكره للكتاب، ولم أقف على من نسب الكتاب إلى أبي حنيفة غيره حيث ظل هذا الكتاب غائبًا بعد ابن النديم إلى أن جاء ذكره من قبل القزويني المتوفى سنة ٦٢٣ هـ، في كتابه التدوين في أخبار قزوين فقد أتى


(١) صورة الأرض ٣٠٩.

<<  <   >  >>