للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

الحرم، ووجه بهم إلى يزيد بن معاوية مع زحر بن قيس (١)، ومحقن بن ثعلبة (٢)، وشمر بن ذي الجوشن، فساروا حتى قدموا الشام، ودخلوا على يزيد بن معاوية بمدينة دمشق، وأدخلوا معهم رأس الحسين، فرُمِيَ بين يديه.

ثم تكلم شمر بن ذي الجوشن، فقال: يا أمير المؤمنين، وَرَدَ علينا هذا في ثمانية عشر رجلًا من أهل بيته، وستين رجلًا من شيعته، فصرنا إليهم، فسألناهم النزول على حكم أميرنا عبيد الله بن زياد، أو القتال، فغدونا عليهم عند شروق الشمس، فأحطنا بهم من كل جانب، فلما أخذت السيوف منهم مأخذها جعلوا يلوذون إلى غير وزر (٣)، لوذان الحمام من الصقور، فما كان إلا مقدار جزر جزوز، أو نوم قائل حتى أتينا على آخرهم، فهاتيك أجسادهم مجردة، وثيابهم مرملة، وخدودهم مُعفَّرة، تُسْفَى عليهم الرياح، زُوَّارهم العقبان، ووفودهم الرخم.

فلما سمع ذلك يزيد دمعت عينه وقال: ويحكم، قد كنت أرضى من طاعتكم بدون قتل الحسين، لعن الله ابن مرجانة، أما والله لو كنت صاحبه لعفوت عنه، رحم الله أبا عبد الله. ثم تمثَّل:

نفلق هامًا من رجال أعزة … علينا، وهم كانوا أعق وأظلما (٤) (٥)


(١) زحر بن قيس بن معاوية بن سنعة الجعفي، له إدراك، وقد كان من الفرسان، من أصحاب علي -رضي الله عنه-، وشهد معه صفين، وأولاده من أشراف الكوفة. ابن عساكر: تاريخ دمشق. ابن حجر: الإصابة
٢/ ٥٢٠.
(٢) الصحيح من اسمه (محفز) بدل (محقن) وهو محفز بن ثعلبة بن مرة العائذي القرشي، وقد وفد على يزيد بن معاوية. ابن عساكر: تاريخ دمشق ٥٧/ ٩٦.
(٣) وزر: ملجأ. الخليل: العين ٣١٦.
(٤) هذا البيت للحصين بن الحمام بن ربيعة بن مساب المري، شاعر مشهور، ذكر ابن ماكولا أن له صحبة. ابن حجر: الإصابة ٢/ ٧٤.
(٥) الأخبار الطوال ٢٦٠، ٢٦١.

<<  <   >  >>