للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

٢ - بعد مقتل الحسين بن علي -رضي الله عنه-، أصبحت أنظار المعارضين لبني أمية تتطلع إليه؛ لأنه لم يبقَ أحد يستحق الأمر بعد الحسين -رضي الله عنه- سواه، فخافه يزيد وحرص على بيعته، وذلك خوفًا من أن يجمع أنصاره ويخرج عليه؛ لأن بقاءه بمكة يثير المخاوف، فهي مهوى أفئدة المسلمين، ولبعدها عن مركز الخلافة، فبدأ يزيد بالمراسلات الودية، لكنها فشلت بسبب غضب يزيد على تباطؤ ابن الزبير -رضي الله عنه-، الذي كاد أن يبايع لولا يمين يزيد التي أفقدت الحوار المنحى الودي الذي يتسم بالحلم والحكمة، ودخل في الغضب الذي يفسد كل شيء، ويتمثل ذلك في حلف يزيد ألا يقبل منه إلا أن يؤتى مغلولًا، وابن الزبير -رضي الله عنه- ليس مضطرًّا إلى قبول ذلك وهو عزيز مكرم بين أصحابه، ولو تخلق يزيد بسجية الحلم التي اشتهر بها والده، لأمكن له احتواء موقف ابن الزبير -رضي الله عنه-.

٣ - لجأ يزيد في هذه المرحلة إلى الخيار العسكري بعد احتدام الموقف بينه وبين ابن الزبير -رضي الله عنه-، فأرسل إلى عامله في المدينة عمرو بن سعيد الأشدق أن يبعث جيشًا إلى ابن الزبير، فوجه عمرو بن سعيد جيشًا بقيادة عمرو بن الزبير، فهزمه ابن الزبير -رضي الله عنه- ومن معه من أهل مكة وفشلت هذه الحملة (١)، ومن أسباب فشل هذه الحملة تفرق أصحاب عمرو بن الزبير عنه، وهذه القوة أول قوة تغزو مكة بعد فتحها في عهد الرسول الله -صلى الله عليه وسلم-.

٤ - بعد هزيمة جيش المدينة الذي أرسله عمرو بن سعيد، استفحل أمر ابن الزبير -رضي الله عنه-، وأصبح خطرًا لا يمكن أن يُحتمل من قبل يزيد، ولم يكن غائبًا على يزيد أسباب فشل هذه الحملة التي قامت من المدينة، فهي جارة لمكة ولها حرمة، وفيها أناس كثير يرون مثل رأي ابن الزبير -رضي الله عنه- في بيعة يزيد، فقرر إرسال


(١) ابن سعد: الطبقات ٢/ ٤٥. البلاذري: الأنساب ٥/ ٣١١، الطبري: التاريخ ٥/ ٣٤٤. أبو العرب: المحن ١/ ١٤٩.

<<  <   >  >>