للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

ينبغي لأحدٍ أن يكتب عنه حديثًا) (١).

حددتْ هاتان الروايتان الأعمال التي قام بها جيش يزيد في الشام، وهي القتل، والنهب، ولا شيء أكثر وأعظم من هذا في ذلك القرن، فهو القرن المفضل الأول، وينبغي ألا يصدق ما يرد من الروايات التي تجاوزت الحد في وصف ما جرى بالإباحة التي لو صح أنها حصلت لكانت إساءة لجميع المسلمين على مر عصورهم، لكن لا يشك في صدورها من الأعداء أنفسهم ليجروا بذلك الخزي والعار على المسلمين، ولكن الله حفظ هذه الأمة بالسند، ليقف حدًّا لعبث الرواة الكذابين ودسائسهم الخبيثة، والوصف الذي ينبغي أن توصف به هذه الحادثة هو (الإسراف)؛ لأن السلف سموا مسلم بن عقبة (مسرفًا)، أما الإباحة فهي تعني إباحة كل ما حرم الله مثل الأعراض وقتل النساء والصبيان، وهذا الوصف تروج له الروايات الضعيفة.

- أما مزاعم بعض الروايات التي تكلمت عن استباحة الأعراض، فهذا لا يصح ولم يثبت منه شيء.

قال السلمي: (غير أنه مما ينبغي التنبيه عليه أن هذه الحادثة قد بولغ في، وصفها وفي عدد القتلى الذين قتلوا فيها، وأن جنود الجيش وقعوا على النساء، وافتضوا الأبكار، فولدت بعد الحرة ألف امرأة من غير زوج، وأُجهز على الجرحى، وقتل المدبر، وجالت الخيل في مسجد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وبالت وراثت بين القبر والمنبر، وانقطعت الصلاة في المسجد أربعين يومًا، وخلت المدينة من أهلها، وتركت الثمار للعوافي، إلى غير ذلك فهذا أمر لا يحتمل وقوعه، ولا تقبله طبيعة المجتمع، ولا سنن العادة، لا سيما مع قرب العهد بالرسالة، ولم


(١) أبو بكر الخلال: السُّنّة ٣/ ٥٢٠.

<<  <   >  >>