للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

فلما سمع عبيد الله ذلك فزع، وقال: عرف مكاني. فقلت: لا تخف، فليس كل من ذكرك يعلم موضعك. ثم سرنا فأطرق طويلًا، وهو على ناقته، فظننت أنه نائم، فناديته: يا نومان. فقال: ما أنا بنائم، ولكني مفكر في أمر. قلت: إني لأعلم الذي كنت مفكرًا فيه. فقال: هاته إذن.

قلت: ندمت على قتلك الحسين بن علي، وفكرت في بنائك القصر الأبيض بالبصرة، وما أنفقت عليه من الأموال، ثم لم يقض لك التمتع به، وندمت على ما كان من قتلك الخوارج من أهل البصرة بالظنة والتوهم.

قال عبيد: ما أصبت يا أخا بني يشكر شيئًا مما كنت مفكرًا فيه، أما قتلي الحسين فإنه خرج على إمام وأمة مجتمعة، وكتب إليّ الإمام يأمرني بقتله، فإن كان ذلك خطأ كان لازمًا ليزيد، وأما بنائي القصر الأبيض، فما فكرتي في قصر بنيته للإمام بأمره وماله، وأما قتلي مَنْ قتلت من الخوارج؛ فقد قَتَلَهُم قَبْلِي مَنْ هو خير مني، علي بن أبي طالب -رضي الله عنه-، غير أني فكرت في بني أبي، وأولادهم، فندمت على تركي إخراجهم من البصرة قبل وقوع ما وقع، وفكرت في بيوت الأموال بالكوفة والبصرة ألا أكون فرقتها وبددتها في الناس عند ما ورد عليّ من وفاة الخليفة، فكنت اكتسب بذلك حمدًا في الناس وذكرًا.

قلت: فما تريد أن تصنع الآن؟ قال: إن وافيت دمشق، وقد اجتمع الناس على إمام دخلت فيما دخلوا فيه، وإن لم يكونوا اجتمعوا على أحد كانوا غنمًا، قلبتها كيف شئت) (١).

ذكر نحوًا من هذه الرواية: البلاذري (٢)، والطبري (٣)، وانفرد صاحب


(١) الأخبار الطوال ٢٨٣، ٢٨٤، ٢٨٥.
(٢) الأنساب ٥/ ٤١٠ من طريق المدائني، وهو غير موثوق.
(٣) التاريخ ٥/ ٥٢٢ فقد ساق الرواية بسنده عن اليشكري وعن المدائني وجعلها واحدة.

<<  <   >  >>