للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

فبعد مقتل المختار مات الأحنف بن قيس (١) الذي يسيطر على بني تميم في العراق، وهي من القوى الضاربة في العراق ومثلها الأزد، ومات محمد بن الأشعث بحرب المختار فلم يبقَ لهم إلا المهلب وهو منشغل بحرب الخوارج، ولم يقم مصعب باستدعائه ليكون له عونًا على أهل الشام كما فعل عندما قاتل المختار، وقد روى عن ابن خازم (٢) أنه فند أسباب خسارة مصعب فقال: (أمعه عمر بن عبيد الله بن معمر؟ قيل: لا، استعمله على فارس، قال: أفمعه المهلب ابن أبي صفرة؟ قيل: لا، استعمله على الموصل، قال: أفمعه عباد بن الحصين؟ قيل: لا، استخلفه على البصرة، فقال: وأنا بخراسان!

خذيني فجريني جعار (٣) وأبشري … بلحم امرئ لم يشهد اليوم ناصره) (٤)

- استعمال عبد الملك مكيدة حربية تَكْمُن في دهاء بني أمية ومقدرتهم على السياسة في الحروب وغيرها، ألا وهي قيامه باستمالة قادة العراقيين وأشرافه إليه عن طريق المكاتبة فاستجابوا له، إلا ما كان من إبراهيم بن الأشتر الذي أخبر مصعبًا بذلك وأثبت له ولاءه، ولم يستجب مصعب لرأي إبراهيم بن الأشتر (٥)، والذي يقتضي بمحاسبة القادة، وتثبيت ولائهم، وهذا نابع من فقه


(١) ذكر البلاذري في الأنساب ٧/ ٨٤ أن الأحنف مات في تلك الأيام التي دخل فيها مصعب الكوفة لقتال عبد الملك.
(٢) سبق ترجمته.
(٣) اسم لضبع لكثرة جعرها. الخليل: العين ١/ ٢٢٤.
(٤) الطبري: التاريخ ٦/ ١٥٨. وبمثله البلاذري: الأنساب ٧/ ٩٩، وفي رواية أخرى ٧/ ١٧٢ عنده أن المهلب على حرب الخوارج، وذكر ذلك ابن الأثير ٣/ ٢٨٤ في نفس الرواية السابقة، وسبب الاختلاف في تحديد عمل المهلب؛ لأن مصعبًا عزل إبراهيم بن الأشتر عن الموصل والجزيرة وأرمينية ووجهه إلى حرب الخوارج وولى مكانه المهلب، ثم عزله ورده لعمله السابق ووجه المهلب للخوارج. البلاذري: الأنساب ٧/ ٨٣.
(٥) الطبري: التاريخ ٦/ ١٥٧، وأبو العرب في المحن ٢٠٨.

<<  <   >  >>