يبغض عثمان، ولا بأن ألقى اللّه إلا ناصرًا له، وجعل يماكرهم، فقالوا: والله ما نرى أن نقاتل مع رجل يكفر أسلافنا، وما قاتلنا إلا لحرمة هذا البيت، وأن نردها شورى فتفرقوا عنه فاختل عسكره وعريت مصافه، ودنا منه عدوه حتّى قاتلوه) (١).
فهذا هو ابن الزبير -رضي الله عنه- منعه تقواه أن يلقى الله مستنصرًا بمن يبغض عثمان -رضي الله عنه-.
وسوف أقف على بعض ما يثار حول ابن الزبير -رضي الله عنه- من الشبهات وأردّها، وهي كما يلي:
الشبهة الأولى: ما جاء بها صاحب الكتاب وهي عدم أهليته للخلافة، والحديث السابق عن ابن عمر -رضي الله عنه- يرد على ذلك.
الشبهة الثانية: أنه خارج على دولة بني أمية.
وللرد على ذلك نقول: إنه قد ثبت لنا أن عبد الله بن الزبير -رضي الله عنه- لم يطلب الخلافة إلا بعد وفاة يزيد بن معاوية، وقد بينا ذلك بالأدلة في فصل سابق، وقد اجتمعت له أغلب البلدان، إلا ما كان من بعض بلدان الشام، حتى إن مروان بن الحكم هم بمبايعته لولا تدارك بعض الموالين لبني أمية له، فبهذا الوقت قد مرضت الدولة الأموية وكاد أن يضمحل أمرها، وهو الوقت الذي سنحت فيه الفرصة لعبد الله بن الزبير -رضي الله عنه- أن يعلن أمره بحيث أنه لم يكن له منازع، بل إنه لم ينازع إلا بعد أن استعاد عبد الملك العراق بعد سنة سبعين من الهجرة، فهو بذلك لم يكن خارجًا على إمام زمانه.
ويؤيد ذلك ما ذكره ابن كثير في كلامه عن عبد الله بن الزبير -رضي الله عنه-: (ثمّ هو كان الإمام بعد موت معاوية بن يزيد لا محالة، وهو أرشدُ من مروان بن