للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

فبهذا الخبر الصحيح نرى أن أنسًا -رضي الله عنه- يأمر الناس بالصبر على الحجاج، فكيف يخرج عليه وهو يأمر بالصبر عليه.

* وفاة عبد الملك بن مروان:

[١٩٥]- (قالوا: ولما حضرت عبد الملك الوفاة، وذلك في سنة ست وثمانين أخذ البيعة لابنه الوليد، وكان ولده: الوليد، وسليمان، ويزيد، وهشام، ومسلمة، ومحمد.

ثم قال للوليد: يا وليد، لا ألفينك إذا وضعتني في حفرتي أن تعصر عينيك كالأمة الورهاء (١) بل ائتزر وشمر، والبس جلد النمر، وادع الناس إلى البيعة ثانيًا، فمن قال برأسه كذا، فقل بالسيف كذا، ووعك وعكًا شديدًا. فلما أصبح جاء الوليد، فقام بباب المجلس، وهو غاص بالنساء، فقال: كيف أصبح أمير المؤمنين؟ قيل له: يرجى له العافية، وسمع عبد الملك ذلك، فقال:

وكم سائل عنا يريد لنا الردى … وكم سائلات والدموع ذوارف

ثم أمر بالنساء، فخرجن، وأذن لبني أمية فدخلوا عليه وفيهم خالد وعبد الله ابنا يزيد بن معاوية فقال لهما: يا بني يزيد، أتحبان أن أقيلكما بيعة الوليد؟ قالا: معاذ الله، يا أمير المؤمنين. قال: لو قلتما غير ذلك لأمرت بقتلكما على حالتي هذه، ثم خرجوا عنه، واشتد وجعه، فتمثل ببيت أمية بن أبي الصلت:

ليتني كنت قبل ما قد بدا لي … في قلال الجبال أرعى الوعولا (٢)


(١) الورهاء: الوره ضعف العقل، رجل أوره وامرأة ورهاء. ابن دريد: جمهرة اللغة ٢/ ٨٠٨.
(٢) ذكر ذلك الفاكهي في أخبار مكة ٣/ ١٦٦: أن أمية بن الصلت قالها عند احتضاره، والبيت
الأول:
كل عيش وإن تطاول دهرًا … صائرًا أمره إلى أن يزولا … =

<<  <   >  >>