للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

فزعموا أن قتيبة احتال لما يئس من مكابرتها، فهيأ صناديق، وجعل لها أبوابًا من أسافلها، تغلق من داخل، وتفتح، وجعل في كل صندوق رجلًا مستلئمًا، معه سيفه، وأقفل أبوابها العليا.

ثم أرسل إلى الدهقان: أما إذا كان هذا هكذا، فإني راحل عنك إلى الصغانيان (١)، وناحيتها، ومعي فضول أموال وسلاح، فوادعني، وأحرز هذه الصناديق عندك إلى عودي إن سلمت.

فأجابه إلى ذلك، وتقدم قتيبة إلى الرجال أن يفتحوا أبواب الصناديق في جوف الليل، فيخرجون، ثم يصيرون إلى باب المدينة فيفتحوه.

وأمر الدهقان بالصناديق، فأدخلت المدينة.

فلما جن الليل، وهدأ الناس خرج الرجال مستلئمين، معهم السيوف، لا يستقبلهم أحد إلا قتلوه، حتى أتوا باب المدينة، فقتلوا الحرس، وفتحوا الباب.

ودخل قتيبة بالجيش، ووقعت الواعية (٢)، وهرب الدهقان في سرب، فلحق بالملك، وصارت سمرقند في قبضة قتيبة، فخلف عليها رجلًا.

وسار حتى أتى الصغانيان، فهرب الملك منهم حتى صار في بلاد الترك، ووغل فيها، وخلَّى المملكة لقتيبة. فدخل قتيبة الصغانيان، ووجه عماله إلى كش (٣) ونسف (٤)، وافتتح جميع ما وراء النهر، وجميع تخارستان (٥)، ولم يبق من خراسان شيء إلا افتتحه، ولم يزل قتيبة بخراسان سنين حتى شغب عليه


(١) الصغانيان: من أكبر مدن ما وراء النهر. الحميري: الروض المعطار ٢٦١.
(٢) الواعية: الصوت، وقيل: الصراخ على الميت. ابن منظور: لسان العرب. ١٥/ ٣٩٧.
(٣) كش: مدينة بالقرب من سمرقند. القزويني: آثار البلاد ٥٥٤.
(٤) نسف: مدينة كبيرة بين جيحون وسمرقند. الحموي: البلدان ٥/ ٣٨٥.
(٥) تخارستان: من بلاد خراسان على مقربة من بلخ. الحميري: الروض المعطار ١٣١.

<<  <   >  >>