للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

معه من أهل بيته، أرسل إلى سعيد بن عبد الملك (١)، وحذَّره الفتنة والعواقب التي سوف تجري عليهم إذا فعلوا ذلك بخليفتهم، وذكره بنعم الله على أهل بيته، وخوفه من ذهابها على أيدي هؤلاء المشئومين، فبعث سعيد بذلك إلى العباس بن الوليد، فحذر العباس يزيد من ذلك، فحلف له أنه لم يفعل فصدقه (٢)، وكل ما تخوف منه هؤلاء العقلاء وقع بعد ذلك.

وقد اعترف بذلك ابن لبشر بن الوليد (٣) فقال: (دخل أبي بشر بن الوليد على عمي العباس، فكلمه في خلع الوليد وبيعة يزيد، فكان العباس ينهاه، وأبي يرده، فكنت أفرح وأقول في نفسي: أرى أبي يجترئ أن يكلم عمي ويرد عليه قوله! وكنت أرى أن الصواب فيما يقول أبي، وكان الصواب فيما يقول عمي، فقال العباس: يا بني مروان، إني أظن الله قد أذن في هلاككم، وتمثل قائلًا:

إني أعيذُكُم بالله من فتنٍ … مثل الجبال تسامى ثم تندفع

إن البرية قد ملَّت سياستكم … فاستمسكوا بعمود الدين وارتدعوا


(١) سعيد بن عبد الملك بن مروان بن الحكم، الأموي، يعرف بسعيد الخير، كان حسن السيرة، ولي الغزو في خلافة هشام، وولي فلسطين في خلافة الوليد بن يزيد، وبقي إلى أن دعا يزيد الناقص إلى نفسه سنة ١٢٦ هـ، وقيل: إنه بقي إلى أن قتل في يوم نهر أبي فطرس سنة ١٣٢ هـ. ابن عساكر: تاريخ دمشق ٢١/ ٣١٣.
(٢) الطبري: التاريخ ٧/ ٢٣٩.
(٣) بشر بن الوليد بن عبد الملك بن مروان بن الحكم، الأموي، ولاه أبوه الموسم سنة ٩٥ هـ، كان من علماء بني أمية، خرج غازيًا بأهل الشام ومصر حتى بلغ أدرنة ثم قفل، أنكر قتل الوليد بن يزيد، وقال:
عجبًا لا ينقضي، عجب قتل الوليد … سما الملك له، زال فأمسى ليزيد
أسلمته عبد شمس، في بقايا ثمود … قال يوم الدار، لما مسه حر الحديد
اتقوا الله وكفوا، أين عقدي وعهودي … قتلوه ثم قالوا، هلك غير فقيد
ابن عساكر: تاريخ دمشق ١٠/ ٢٦٨. قلت: موقفه هذا أنسب لحاله من الأول، أولعله ندم.

<<  <   >  >>