للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

ثم ذكر أن هذا الشعر قاله بعض أهل اليمن على لسان الوليد يحرض عليه اليمانية، ولعل هذا هو الأقرب، وهذا يمكن أن يجعل سببًا من أسباب الثورة عليه (١).

أما عن السبب الحقيقي لهذه الثورة فهو القائم عليها وهو يزيد بن الوليد بن عبد الملك، وقد وجد مادته في ذلك عن طريق اليمانية وجميع الغاضبين على الوليد بن يزيد، وكان معه رجال ممن ينتسب إلى غيلان (٢)، وكان السمة العامة لهذه الثورة إنكار المنكر، ولكنها في الحقيقة ثورة القادرية الذين ينسب إليهم يزيد بن الوليد كما سيأتي.

وقد وجد هذا المشئوم الذي أوْدَى بالخلافة الأموية إلى الهاوية بعض الإنذارات المبكرة؛ ولكنه لم يرتدع عن غيه وسفهه في انتهاك حرمة الخلافة وهتك سترها ومن هذه الإنذارات:

أن يزيد بن الوليد أتاه آل الوليد وآل هشام وآل القعقاع واليمانية، وكانوا قد اضطغنوا على الوليد فأرادوه على البيعة، فشاور أخاه العباس بن الوليد، فحذره وهدده بالقبض عليه وتسليمه لأمير المؤمنين الوليد، ولكنه لم يرتدع عن ذلك وأخذ الناس بالبيعة له سرًّا، وقد جعل يظهر نصحه لهم وشفقته عليهم، وبدأ بتشويه صورته وذكر مساوئه (٣).

ومنها: أن مروان بن محمد - وكان على أرمينية - لمّا علم بأمر يزيد ومن


(١) الطبري: التاريخ ٧/ ٢٣٤.
(٢) غيلان بن مسلم الدمشقي، كاتب من البلغاء تنسب إليه فرقة الغيلانية من القدرية، وهو ثاني من تكلم بالقدر ودعا إليه، ولم يسبقه سوى معبد الجهني، قال الشهرستاني في الملل والنحل: (كان غيلان يقول بالقدر خيره وشره من العبد)، تاب من القدر في عهد عمر بن عبد العزيز، ثم رجع بعد ذلك، فأحضر له الأوزاعي فناظره وأفتى بقتله، فقتل وصلب في خلافة هشام. الأعلام: للزركلي ٥/ ١٢٤.
(٣) الطبري: التاريخ ٧/ ٢٣٧.

<<  <   >  >>