كلاباً تقطع أثوابنا ... وقالع ضرسٍ بكلابه
فمن ذا يروم ندى شاكرٍ ... وهذان من بعض حجاجه
قال: ثم كتبنا له أسفل البطاقة: إلى الفقيه الوزير في أن يبين لنا أي الشعرين أطبع, والسلام. وبعثنا بالبطاقة إليه, فكتب إلينا: [متقارب]
لحا الله من حد لطف المقال ... عن الحُسن من كل أسبابه
إذا شاء بعضهم نعمة ... أتى بنباح ذوي نابه
فإن شئتم بسط عتبي ففي ... علاكم شفيع لإعتابه
ومن رام إغضاب ليث الحمى ... سليقى, ولو, بعض إغضابه
فلا تجعلوا للنموم غداً ... سوى الخبط والصفع من بابه
بقيتم إياة ليشقى بكم ... أخو سنةٍ ليس بالنابه
قال: ووقع تحت الأبيات: أدام الله كرامتكم, أول الشعرين أقذع, والثاني أطبع وأصنع, ومجدكم أسمع وأوسع. وكتب شاكر كم: شاكر بن كامل.
ثم وصل إلينا واعتذر وحلف علينا, فنهضنا معه, فرأينا عنده من الكرامة ما تكل الألسن عن وصفه. انتهت الحكاية.
قلت: ومحمد الذي له الأبيات هو أبو عبد الله بن أبي غالب المذكور, وأبو داود أخوه. وتوفي رحمه الله بمراكش في سنة ست وعشرين وستمائة ومنهم:
[٤٤- محمد بن محمد بن عيسى بن محمد بن زنون]
يكنى أبا بكر. كان رحمه الله حاجاً فاضلاً لوذعياً, كثير المداعبة, أدبياً بارعاً وشاعراً مفلقاً, وكاتباً مجيداً, حسن الخلق جميل العشرة. وله أمداح في الأمراء وأشعار كثيرة في الزهد والغزل وغير ذلك. فمن شعره رحمه الله: [طويل]
لكل ابتداء آخر وتمام ... وكل رضاع يعتريه فطام
وقد صح عقلي تغير حالتي ... بأدني خيالٍ والحياء سقام