للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بحبل اليقين والثبات, لما بلغ حد التكليف ووصل, انحجز عن أخدانه وانفصل, وعبر البحر لقضاء الفريضة وأدائها, وأبرأ نفسه من ألم المشقة ودائها, فحل بالبيت العتيق, وتنسم عرفه كالمسك الفتيق, وطاف بحرمه الآمن, وأظهر من التعظيم ما هو في صدره خفي كامن. قلت: وهذا الفقيه أبو محمد رحمه الله له رواية عن شيوخ جلة. وقد أجازني وتلفظ بالإجازة. وتوفي رحمة الله في السابع من محرم (عام) ثلاثة وثلاثين وستمائة.

ومنهم:

[٨٥-عبد الله بن علي بن زنون]

نشأ بمالقة, وكان له ابتداء طلب. ثم إنه زال عن القراءة, وبقي محاولاً لأمور الدنيا. فلم تزل الأيام ترفعه درجة بعد أخرى, حتى بلغت به من المكانة والرفعة والوجاهة إلى أقصى مبلغ. وكان ابتداء أمره في دولة الأمير أبي عبد الله بن هود, وذلك عندما أخذ القاضي أبو عبد الله بن الحسن رحمه الله عن مالقة وحبس بغرناطة, وكان ابن زنون ممن سعى فيه, ونسب إليه ما كان بريئاً منه. فعند انفصال القاضي أبي عبد الله من مالقة, اجتمع ابن زنون وطائفة من أهل البلد, ونسبوا لابن الحسن القيام على ابن هود. فكبل ابن الحسن بسبب ذلك. ثم ظهرت برءاته. وبقي ابن زنون يشتغل بالطائفة التي كانت معه على ابن الحسن إلى (أن) أفناهم واحداً (بعد واحدٍ) , بين النفي والقتل والسجن الطويل. وأبقى البلد في حكمة, فلم يكن ينفذ أمر من الأمور إلا بمشاورته. وكان ولاة البلد لا ينفذون إلا ما أمر ابن زنون به, ولا يتعدون ما يحده. وكانت أوامره تنفذ في البلاد فضلاً عن بلده. وأخذ في مصلحة البلد, فشيد الأسوار أتم تشييد, وأصلح الأبواب الخليفة, وبنى الخرجة الكائنة الآن أمام باب فنتنالة, وجدد الباب المعروف بباب الرواح , وجعل عليها باباً ولم يكن

<<  <   >  >>