يكنى أبا الحجاج, وهو الفقيه الفاضل الزاهد الورع المحدث الأوحد أبو الحجاج ابن الحجاج ابن الشيخ, مشهور الفضل والدين والعلم. كان رحمه الله أحد من بقي من السلف الصالح. فضائله كثيرة, ومنزلته في الدين والعلم شهيرة. أخذ رحمه الله عن شيوخ جلة. ورحل إلى المشرق فأخذ عن أبي الطاهر السلفي, وأبي العباس السرقسطي, وعن العثماني, وغيرهم. وروى بالأندلس عن ابن عبيد الله, وابن قرقول, وغيرهما. وكان رحمه الله يؤم الناس بجامع مالقة. وله كرامات مشهورة, ومكاشفات وإجابة دعوات. فمن فضائله رضي الله عنه: الرؤيا اليت كان رآها المؤذن أبو جعفر المرسي في حقه, وذلك أن الفقيه أبا الحجاج رضي الله عنه كان يؤم في الجامع الكبير, ويؤذن في أحد أبوابه. وكان بالجامع إمام راتب غيره فكان الشيخ رضي الله عنه يبكر ويؤذن في الباب ويدخل للصلاة. فلما كان في بعض الأيام ربما طرأ عليه عذر أو غلبة النوم, فتأخر عن وقته, فانتظر حتى جاء, ثم جرى له ذلك في يوم آخر, كذلك نحو من ثلاثة أيام. فلما كان في اليوم الثالث أبطأ, فأقام المرسي الصلاة ولم ينتظره, فأتى وقد فاته بعض الصلاة, فلم يقل للمرسي شيئا. فلما كان الليل نام المرسي فرأى النبي صلى الله عليه وسلم في المنام, فعاتبه, وقال به: تأدب مع الشيخ وانتظره. فلما كان في صبح اليوم الثاني جاء الشيخ على عادته, فلما صلى ذهب المرسي ليخبره بما اتفق, فقال له الشيخ مبادرا. أظننت أنني ليس لي من ينصرني, ووصاه ألا يخبر بالرؤيا حتى يموت.
وفضائله رحمه الله كثيرة, وهي أشهر من أن تذكر. وكان رحمه الله مع ذلك شاعراً.