وحدث الفقيه أبو الفضل رحمه الله أن والده دخل على بعض الملوك, فأنشد الملك بيتين صنعا له في هميان, وهما: (بسيط)
انظر إلى أبدع الألوان نظمها ... بنان بكر, فصاغت منه هميانا
ثم التوته على خضر لها هضم ... فبات يحرس أردافا وأعكانا
فقال القاضي أبو عبد الله: البيت الأول لا يلتئم مع الثاني, فارتجل بيتا بينهما وهو:
بسحر ألفظها رقته نافثة ... في عقد أخياطها فعاد ثعبانا
فالتام المعنى بذلك.
[حرف الغين]
ومنهم:
[١٥٢- غانم بن وليد بن عبد الرحمن المخزومي]
يكنى أبا محمد. وكان رحمه من الحفاظ الجلة المبرزين, عالما يطرق الرواية, عارفا بها. روى عن جملة شيوخ. كلن جليل المقدار مشهور المعرفة والمكان, مشارا إليه, معظما عند الملوك, مقربا لديهم, مع ما كان عليه رحمه الله من الحفظ للآداب واللغة. وغلب عليه الأدب, وبه اشتهر. ووصفه الفقيه أبو العباس أصبغ في كتابه فقال فيه: حبر يعجز عن وصفه اللسان, وبحر يحدث عنه بلا حرج الإنسان, وبدر طلع بين ذوائب النوائب في سماء الإحسان. إن نثر فأسبق في البيان من سحبان, أو نظم فأثبت في الإحسان من حسان, وأعرق فيه من آل جفنة في غسان, وأخلاق ارق من حاشية النسيم, وشمائل أعطر من نفحات الروض الوسيم, ووقار بهزة السماح يسيم, على أنه ما ناط التمائم وخلعها, وأظهر المحاسن وأطلعها, واخترع البدائع ووضعها, إلا والفتنة قد سحبت ذيلها, وصدت على