للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قلت: وأصلة من غرناطة كما ذكر, إلا أنه قدم على مالقة, وأخذ عنه العلم بها رحمه الله ونفقه. مولده سنة تسع وأربعين وخمسمائة. وتوفي لخمس خلون من شعبان سنة تسع وعشر وستمائة.

ومنهم:

[٤٠- محمد بن عبد العزيز بن عبد الرحمن بن عبد الله بن عياش التجيبي]

يكنى أبا عبد الله. هو الكاتب المشهور الجليل المقدار. كتب لأمير المؤمنين المنصور, فكان يظهر له في كتبه من البلاغة والفصاحة ما يدل على معرفته وحفظه. وكتبه مشهور. حدثني خالي أبو عبد الله بن عسكر رحمة الله عليه, أن الكاتب أبا عبد الله هذا, كتب يوماً كتاباً ليهودي, فكتب فيه: ويحمل على البر والإكرام. فقال له المنصور: من أين لك أن تقول في كافر: يحمل على البر والكرامة. قال: ففكرت ساعة, وقد علمت أن الانفصال يلزمني عما ذكرت.

فقلت له: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا أتاكم كريم قوم فأكرموه", وهذا عام في الكافر وغيره. فقال لي: نعم, هذه الكرامة. فالمبرة من أين أخذتها. قال: فسكت لم أجد جواباً. قال: فقرأ المنصور: أعوز بالله من الشيطان الرجيم, بسم الله الرحمن الرحيم, (لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم, إن الله يحب المقسطين) . قال: فسررت بذلك كثيراً وشكرته عليه. وكان أبو عبد الله هذا كاتباً بليغاً شاعراً مؤثراً عالي الهمة, معظماً عند الملوك مقرباً لديهم. قدم علينا لمالقة, وقرأ بها على الأستاذ الجليل أبي زيد السهيلي رحمه الله, وصحب في حين القراءة عليه الأستاذ أبا علي الرندي. قال خالي رحمه الله عليه: إن شيخنا أبا علي أخبره أنه لما قدم مراكش, لقي بها الكاتب أبا عبد الله, فانتفع به في قضاء مآربه,

<<  <   >  >>