يكنى أبا محمد. وكان رحمه الله من علية الحسباء وحلية الأدباء. كان كاتبا وشاعراً محسناً, بارع الخط. كتب لجملة من السادات. وكان مقرباً عندهم, مكرماً لديهم. وكان في أيام ابن زنون مشتغلاً بالأحباس. فلما كان عند رجوع مالقة للأمير أبي عبد الله ابن نصر, وطرأ على ابن زنون ما طرأ, أخرج أبو محمد المذكور مكشوف العورة, والناس قد أحدقوا به, ونالوا منه, وصفعوه, فأوصلوه إلى باب الدجل من أبواب مالقة, ورماه أحدهم بحجرٍ فرض به رأسه, وقتل في المكان. نسأل الله السلامة وحسن العاقبة. أخبرني شيخنا الفقيه الورع الخطيب أبو إسحاق ابن القرطبي أنه كان يرى الفقيه أبا محمد المذكور بعد موته في المنام, وعليه ثياب صفر, وهو في غاية من النعمة في دار هائلة رفيعة العماد, فسيحة الفناء, تتلألأ نوراً, لا تشبه منزلاً من منازل الدنيا. فكان يصل إليه ويعانقه. قال: فكان أبو محمد يتحدث بحديثٍ لا أتذكر عليه. فكنت أقول: دعني من هذا. رب الدار ما لقيت منه. مكان يقول لي: ما لقيت منه إلا خيراً. قال الفقيه أبو إسحاق: فكان يقول لي, ويتلعثم, فلا أفهم ما يقول. ثم كان يقول في آخر كلامه, قال لي: من يؤمن بي, ويتوكل علي, ما يرى مني إلا خيراً, واستيقظت. واستشهد أبو محمد في غرة يوم الأربعاء الحادي عشر لرمضان سنة خمس وثلاثين وستمائة.