سعيد, هو عبد الله بن الحسن بن سعيد بن عمار, دخل الأندلس في أيام يوسف الفهري, ونزل قرطبة, واستوطن بها الدار الكبرى التي صارت بعد ذلك لعبد الرحمن بن طورون. وكانت له أرحى الفنارة التي كانت على وادي قرطبة. فلما دخل عبد الرحمن بن معاوية الأندلس وغلب على يوسف الفهري, ودخل قرطبة, قتله مع جماعة من أصحاب الفهري. ثم استوطنت ذريته بعد ذلك قلعة بني سعيد. قال خالي رحمة الله عليه: فكان لهم فيها شرف باذخ, وعز مع الأيام راسخ, لم يزالوا بها حماة الدين, وأسود ميادين, تملكوا أعنة القيادة, وسلكوا طرق السيادة, يتوارثون ذلك كابراً عن كابر, ويجرون فيها جري الأفاضل والأكابر, إلى أن كان منهم القائد أبو محمد أعزه الله, فكمل بذلك الأفق بدره, وعلا في الهمة الشريفة قدره. وكان أبو محمد رحمه الله جليل المقدار, مشاراً إليه معظماً عند الملوك, نبيهاً من أهل الطب, يذكر أدباً كثيراً وتاريخاً, ويقول الشعر. وتوفي رحمه الله تعالى ومنهم:
[٨٤- عبد الله بن يوسف بن محمد بن عبد الله بن يحيى البلوي]
يكنى أبا محمد, ويعرف بابن الشيخ. وهو ولد الفقيه الحاج الزاهد أبي الحجاج ابن الشيخ رحمه الله. وسيأتي ذكر والده إن شاء الله. وكان أبو محمد هذا حاجاً فاضلاً ورعاً, من جلة شيوخ الطلبة ونبهائهم. كان مشتغلاً بصنعة التوثيق عارفاً بها متحققاً, مبرز الشهادة, جارياً على سنن سلفه الصالح من الخير والفضل. وقد وصفة الفقيه أبو طاهر فقال فيه: نبعة الصون المجدية, وشجرته التي هي غير مرديةٍ ولا مؤذية. امتدت لها فروع, وتحصنت من الشيطان بأوراق كالدروع, بأوراق كالدروع, ففر منها وهو مروع. اقتفى جادة أبيه وجده, فقابله الدهر بجده, وعامله بحقيقةٍ من حده. فنبذ الدنيا نبذ النواة, لما اعتقد الخير ونواه. فالقناعة لبوسه, ومن نكد الدنيا وجومه وبوسه. نفذ في العلم سهمه, وعظم منه فهمة, وتواضع فارتفع قدراً, ولصق بالحضيض فلاح في السماء بدراً. ومن مثل أبي محمدٍ في النشأة والنبات, والتمسك