[١٧٣- يحيى بن الحسن بن محمد بن أحمد بن عبد الرحمن بن صفوان]
ابن عبد الرحمن بن يحيى بن مزدوغة بن محمد بن عبد الله بن دعامة بن عرار القيسي, يكنى أبا بكر. وهو الفقيه الأجل الوزير أبو بكر بن صفوان, مشهور الحسب, جليل المقدار, قديم الرياسة, معلوم المكان. يتصل نسبه بعرار المتقدم الذكر. وعرار هو الداخل في طالعة بلج. وقد تقدم ذكر والد أبي بكر في باب الحسن. ولم يزل عقب عرار يتمادى ويتصل, ويتوالى ولا ينفصل, إلى أن أعقب أبا بكر يحيى المذكور. وكان أكثرهم عدا, وأولهم جلالة ومجدا. انتظم به سلك فخارهم, وكملت به مكارم أخبارهم. فاق أهل زمانه سياسة ونباهة, وبرعهم عناية ووجاهة. كان رحمه الله أحسن الناس خلقا وأنداهم يدا وأشدهم تسرعا لقضاء الحوائج وأسرعهم إلى فعل الخير. وكان رحمه الله مقسم المال على الأصحاب والخدام, معظما عند الملوك والسادات, مشارا إليه, سني الهمة, ذا شارة حسنة, كثير الفضائل.
حدثت أن بعض خدامه كان يتفقده في الجمع بحوت نفيس رغبة في وجاهته, وطلبا في عنايته به, إلى أن انقطع عنه ذلك الرجل مدة. فبينما هو جالس في بعض الأيام, وإذا بامرأة قد جاءت تشكو له بحالها, وأن عندها بنتا تحتاج إلى الزواج, وما لها بما تجهزها به, وعرفته أنها زوجة ذلك الرجل, وأنه قد مات. فقال لها: اقعدي حتى أخرج إليك, فمكث ساعة ثم خرج إليها بزمام في يده, ونحو من ثلاثين دينارا. فقال لها: يا هذه خذي هذه الدراهم, وأصلحي بها حال نفسك فشكرته. وترامت عليه تقبل يده. فقال لها: يا هذه, لا تشكريني على هذا, فإن تلك الدراهم من مال زوجك. فقالت له: يا مولاي, وكيف؟ فأخبرها أنه عندما كان زوجها يأتيه بذلك الحوت النفيس كان يعرضه على من يقدره له, ويقيد عند ذلك, حتى اجتمع في الحوت وغيره من الهدايا ذلك العدد, فدفعه