إليها, وقال لها: إذا كانت الصبية للزواج, فجهازها عندي. فكان الأمر كذلك. وهذا غاية في الفضيلة والكرم. ومكارمه وإحسانه أكثر من هذا.
وبقي رحمه الله ببلده مالقة. فلما كان في أيام الأمير أبي محمد عبد الواحد المخلوع حمل بيعة مالقة. ولقي الوزير الأجل أبو بكر يحيى منه من القبول والإكرام ما رقى درجته, ورفعه وأظهر العناية عليه. ثم وصل خبره أنه مات بأحواز مربلة, ووصل إليها ابنه أبو جعفر, فأخبر أنه مات بعد هدء من الليل ليلة يوم الاثنين الثامن عشر من رجب الفرد من عام إحدى وعشرين وستمائة. وأوصله ولده المذكور. والله يجدد عليه الرحمة بمنه. ورثاه رحمه الله جملة من الشعراء. وممن رثاه خالي رحمه الله عليه بهذا الرثاء:
أما الحمام فمحتوم ومقدور ... فالصبر أولى, ومن ينفث فمصدور
دع عنك زخرف عيش لا بقاء له ... كأنه فوق ظهر الماء تصوير
واخلع ثياب الأماني فهي كاذبة ... دنوها
وإن امتد المدى. زور
لا يترك الموت ذا عز لعزته ... ولا الذي هو مذلول ومحقور
سيان للموت: آساد وغيد فلا ... وذو التواضع منا والجبابير
من لم يصبه إذا وافاه بعد غد ... فما يفيدك تقديم وتأخير
دع التعمق في فعل وفي كلم ... فذو البلاغة عند الموت محصور
والموت لا يعرف الإعراب عامله ... فيستوي فيه مرفوع ومجرور
سلا خبيرا بهذا الدهر إن له ... عجائبا هي للألباب تذكير
واستنطقا أثر الماضي ففيه, وإن ... لم يسطع النطق, تعريف وتعبير
فهل عدا الموت عادا عند ما كثروا ... فلم تفد قوة فيهم وتكثير
وعن ثماد ثمود هل تحينها ... من حادث الدهر تعطيل وتعذير