وسرت طريداً البلاد كأنني ... لأحمد سمعا قد حلمت به عذلا
فأحمد ربي إذا منيت بغربةٍ ... ولم يرني صانعت وغداً ولا ردلا
وربتما ماتت من الجوع حرة ... ولم ترض أن تختار من ثديها أكلا
فمن مبلغ الأعداء أني آمن ... وأن أذاهم عاد ممتنعاً سهلا
وأني بحيث الدهر قد صار خائفاً ... لإضراره بي أن أحمله الثكلا
وأني منكم في جوارٍ وأرتقي ... له البدر, ما شان المحاق له شكلا
أما علموا أني بآخر آيةٍ ... من اقتربت, سحراً يورثهم خبلا
فدمت بكم أجني السرور ويجتني ... عدوي من فرط الحسادة لي نكلا
وله في قارئ يقرأ ما يكتب له تحت أثوابه باللمس من غير أن يعاين ما في الطرس مكتوباً: [سريع]
وقارئٍ ما تحت أثوابه ... كأنما ينظر في طرسه
نورية فاضت بأعضائه ... فانقلبت فيه إلى حسه
كأنما قوة إبصاره ... قد نقلت منه إلى لمسه
كأنما الحرف له نابض ... وهو كجالينوس في جسه
لا تعجبوا من (أمر) إدراكه ... ينفد ما يعلوه من لبسه
فالأفق الأعلى سماواته ... لا تحجب الإدراك عن شمسه
لمثله كان سليمان قد ... تفقد الهدهد في نفسه
فيا لها من آيةٍ أعجزت ... عن مثلها كل بني جنسه
ومن شعره يصف عشية أنس رحمه الله: [طويل]
أأنسى من الأزمان أنس عشيةٍ ... أجلنا بها الأحداق بين الحدائق