استطال بلسانه. وكان ينال من الموحدين, وسجن على (سب) المهدي رضي الله عنه. وإنما كان ذلك منه حين يصيبه ذلك الألم ويخرج عن حد التكليف, حتى إنه في جمعةٍ من الجمع حين استوى الخطيب على المنبر, وأخذ يعظم الإمام, قال له: كذبت لعنك الله. فأخذ من حينه وثقف. وبقي مكبلاً في سجن مالقة مدة ونقل إلى مراكش, إلى أن زال عنه ذلك الألم. فكتب يستعطف أمير المؤمنين المنصور ويصف حاله ويسأله فكه من وثاقه.
وهذه هي القصيدة التي كتب بها: [طويل]
ظهائر لطف الله في سر مقصد ... ويشهد لي عند الأ (مير بمقصدي)
ويدري أمير المؤمنين بأنني ... على مذهبٍ الأمر عدلٍ مسدد
وإني على حب الإمام وهديه ... ومن بعده من راشد الأمر مرشد
وإن يدر لا أبقى بسجني مقيداً ... بأثقل قيدٍ ضيقٍ مؤلم رد
وحرمته إن يدر صدق عقيدتي ... لسبق في التسريح يومي على غد
ورق لشيخ ذي عيال وصبيةٍ ... وحالٍ ثواها من ثوى ضيعة اليد
له في ثقاب السجن عام وأشهر ... تقلص عنه الرفد من كل موفد
وضاع, وضاع الأهل والشمل بعده ... وأضحوا عراة في أذى جهد مجهد
أيرضى أمير المؤمنين بضرهم ... وضري, وفيه الفضل رحب المقلد
أحيف, معاذ الله, بل هو رحمة ... وممدود ظل الله للمتردد
وقسطاس عدلٍ يمل الأرض أمنه ... بحكم مفيدٍ من قريب وأبعد
سينظر في تفريج همي وكربتي ... مصيباً بنور الله غير مفند
ويمضي سراحي طالب الأجر راجياً ... بذلك مذخور النعيم المخلد